الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صفة السكوت ثابتة لله تعالى بضوابط الصفات المعروفة

السؤال

هل صفة السكوت ثابتة لله عز وجل؛ للحديث: (وما سكت عنه فهو عفو)؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فصفة السكوت صفة ثابتة لله عز وجل، دلّ على ثبوتها السنة الصحيحة، والإجماع:

أما السنة: فما رواه الحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أحل الله في كتابه، فهو الحلال، وما حرم، فهو الحرام، وما سكت عنه، فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته. وفي حديث أبي ثعلبة عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله فرض فرائض، فلا تضيعوها، وحدّ حدودًا، فلا تعتدوها، وحرم محارم، فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان، فلا تسألوا عنها.

ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية - كما في مجموع الفتاوى عن شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري الهروي - قوله بعد ذكر الفتنة الواقعة زمن الإمام ابن خزيمة: فطار لتلك الفتنة، ذاك الإمام أبو بكر، فلم يزل يصيح بتشويهها، ويصنف في ردها، كأنه منذر جيش، حتى دوّن في الدفاتر، وتمكن في السرائر، ولقن في الكتاتيب، ونقش في المحاريب: أن الله متكلم، إن شاء تكلم، وإن شاء سكت، فجزى الله ذاك الإمام، وأولئك النفر الغر عن نصرة دينه، وتوقير نبيه خيرًا. انتهى. ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ويقول الفقهاء في دلالة المنطوق والمسكوت، وهو ما نطق به الشارع، وهو الله ورسوله، وما سكت عنه تارة، تكون دلالة السكوت أولى بالحكم من المنطوق، وهو مفهوم الموافقة، وتارة تخالفه، وهو مفهوم المخالفة، وتارة تشبهه، وهو القياس المحض.

فثبت بالسنة، والإجماع أن الله يوصف بالسكوت، لكن السكوت يكون تارة عن التكلم، وتارة عن إظهار الكلام وإعلامه. انتهى.

فالحاصل؛ أن السكوت صفة ثابتة لله عز وجل، على ما يليق به سبحانه كما قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ {الشورى:11}، ومن تكلم باختياره ومشيئته، سكت باختياره ومشيئته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني