الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تريد سكنا مستقلا ولا تريد أن يسكن معها أهل زوجها ....

السؤال

أهل زوجي يسكنون في بيتي بدون ‏إذني، وأثناء سفري مع زوجي، ‏ويستخدمون كل أغراضي، وعندما ‏أعود إلى مصر أيضا.
ولقد حاولت ‏أن أسامحهم، لكن لا أستطيع، وأريد ‏سكنا مستقلا.‏
‏ فما الحكم؟
‏ وأيضا زوجي يعامل أهلي معاملة ‏غير جيدة، ويتشدد معي في زيارتهم.
‏فهل يجوز أن أزورهم بغير إذنه، ‏وأن أزور أخوالي أيضا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالسكن المستقل، الملائم، من حقوق الزوجة في الإسلام، فلا يجوز للرجل أن يسكن مع زوجته أحدا من أقاربه إلا برضاها، وبمراعاة الضوابط الشرعية من أمن الفتنة، والتزام الحجاب، والحشمة، وعدم الخلوة والاختلاط. كما بيناه في الفتوى رقم:110353، والفتوى رقم: 253534.
علما بأن استحقاقها للسكن المستقل، لا يجعل بيت الزوجية المملوك للزوج، ملكا للزوجة، فليس لها الاعتراض على إسكان أقاربه فيه إذا كانت مسافرة؛ فإن الناس مسلطون على أموالهم، شريطة ألا يستعملوا شيئا من ممتلكات الزوجة، وأدواتها الخاصة بها إلا بإذنها؛ لأنه لا يحل التصرف بمال المسلم إلا بطيب نفس منه.

أما إذا كان البيت ملكا للزوجة، فلايجوز للزوج إسكان أحد فيه إلا بإذنها؛ لأن الزوجة لها أهلية مالية مستقلة عن زوجها، فليس له أن يتسلط على شيء من مالها بغير رضاها.

وأما إساءة الزوج معاملة أهل الزوجة، فليس من أخلاق أهل الإسلام، فالكلمة الطيبة، وحسن المعاملة حق لكل مسلم، فضلا عن أهل الزوجة، بل حسن معاملتهم داخلة في تمام معاشرة الزوجة بالمعروف؛ وللمزيد في إحسان الزوج معاملة أهل زوجته، تنظر الفتوى رقم: 29999.

وأما ما يتعلق بخروج الزوجة لزيارة والديها، وأخوالها بغير إذن الزوج، ففيه خلاف بين أهل العلم، فأجازه الحنفية، والمالكية بضوابط، ومنعه الحنابلة، والشافعية على التفصيل التالي: قَال الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَفِيَّةُ -فِي الْقَوْل الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَهُمْ-: لِلْمَرْأَةِ الْخُرُوجُ لِزِيَارَةِ وَالِدَيْهَا كُل جُمُعَةٍ، وَمَحَارِمِهَا كُل سَنَةٍ، وَلَوْ بِغَيْرِ إِذْنِ الزَّوْجِ؛ لأِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَمِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ. وَقَيَّدَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنْ يَكُونَ الْوَالِدَانِ فِي الْبَلَدِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ الْخُرُوجَ مِنْ بَيْتِ الزَّوْجِيَّةِ لِزِيَارَةِ وَالِدَيْهَا، وَمَحَارِمِهَا فِي غَيْبَةِ الزَّوْجِ إِنْ لَمْ يَنْهَهَا عَنِ الْخُرُوجِ، وَجَرَتِ الْعَادَةُ بِالتَّسَامُحِ بِذَلِكَ. أَمَّا إِذَا نَهَاهَا عَنِ الْخُرُوجِ فِي غَيْبَتِهِ، فَلَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ لِزِيَارَةٍ، وَلاَ لِغَيْرِهَا. اهـ من الموسوعة الفقهية الكويتية.

وللمزيد في تقرير الخلاف تنظر الفتوى رقم: 7260.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني