الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم القذف بالكناية وكيفية التوبة منه

السؤال

بارك الله في جهدكم، وتقبل منكم، وبارك لكم في علمكم، ووقتكم.
أنا شاب كنت أقوم عبر الإنترنت بدعم الغرف الإسلامية، من الناحية التقنية، والبرامج. وكان يقوم على الغرف مشرفون من الإخوة، والأخوات.
وكانت هناك أخت من دولة عربية، مشرفة في إحدى الغرف، عرفت من إحدى الأخوات بأنها مطلقة، وليس لديها من زوجها السابق عقد زواج، حيث كان زواجاً عرفياً، حسب قولها.
فنصحتها أن تسعى، وتطالب زوجها بعقد زواج، أو إثبات يؤكد أنه كان زوجها. فحتى الزواج العرفي، ربما توجد فيه ورقة غير رسمية بين الزوجين. ولكنها كانت لا تهتم بهذا الأمر بطريقة مريبة.
وبعد محادثتي معها عدة مرات، بدرت منها تصرفات تنافي العفّة، وتتخطى الآداب الإسلامية، وحاولت إغرائي بطريقة جنسية للزواج منها. وكدت أن أقع في هذه الدوامة الآثمة، إلا أنني لم أستمر في الكلام معها، وقطعت تواصلي بها.
والمشكلة هي أنني طلبت من الأخت التي أخبرتني بأمرها، ألا تتواصل معها، وقلت لها بهذه الصيغة: "من يفعل فعلتها، بعدم الاهتمام بعقد الزواج، أو الأوراق القانونية. ماذا يكون؟"
وكنت ألمّح إلى أن من يقوم بهذه الفعلة، هو من وقع في خطيئة الزنا. ولكنني لا أعرف هذه الأخت شخصياً، ولم أرها تزني، والأخت التي أنصحها بألا تحادثها، تعلم بأنني لم أرها، ولست على يقين من ذلك، وأنني أخمّن الذي أقوله. فنحن من بلاد مختلفة، ولكنها فهمت قصدي من الجملة بدون أن أتكلم بصراحة.
فالسؤال هو التالي بارك الله فيكم:
- هل قمت بالصيغة المذكورة في الحديث، بقذف الأخت التي تكلمت عنها؟ (أريد جوابا محددا لهذا الموقف، وليس قاعدة عامة لأقيس عليها بارك الله فيكم)
- وماذا يترتب على ذلك؟ وما هو المطلوب مني؟ مع العلم بأنني متوقف منذ سنوات عن دخول هذه الغرف؛ لما وجدت فيها من أخطاء، ولا أعرف طريقة التواصل مع الأخت التي تحدثت عنها لأستسمحها.
أعتذر عن الإطالة.
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمادامت العبارة التي ذكرها السائل، وهي قوله: "من يفعل ... ماذا يكون؟" قد يفهم الناس منها الوقوع في خطيئة الزنا، ولو من خلال القرائن، والتلميحات التي ذكرها السائل، فهي من كنايات القذف، وهي الألفاظ التي تحتمل الدلالة على الزنا بحسب فهم العرف، وليست صريحة فيه؛ لأن القذف منه الصريح، ومنه الكناية؛ وللمزيد في تقرير ذلك تنظرالفتوى رقم: 193303.

واستعمال السائل لصيغة العموم: "من يفعل" لا يمنع نسبة الزنا إلى المرأة المعينة، لدخولها في العموم، وتعينها عند القاذف، والسامع بقرائن السياق، بل ظاهر الحال أنها هي المقصودة بالعموم.
ولا يجوز رمي المسلمة وإن كانت فاسقة، بالزنا، ولو كناية بمجرد الظن، فإن الظن أكذب الحديث، ومجرد كون العقد عرفيا، لا يقتضي كونها زانية، فإن العقد العرفي يطلق، ويراد به العقد الفاسد؛ لخلوه من الولي، وهو صحيح عند بعض الفقهاء، وقد يطلق على ما لم يسجل في المحكمة، وإن كان صحيحا باتفاق، كما بيناه في الفتوى رقم: 5962.

فالمطلوب من السائل التوبة مما صدر منه، والابتعاد عن مواطن الريبة. ولكن هل يجب عليه استحلال الأخت المقذوفة؟ الأصل وجوب الاستحلال؛ لأن القذف يترتب عليه حق للمقذوف، لكن إذا لم يتمكن السائل من الوصول إلى الأخت المقذوفة ليستحلها، أو ترتب على استحلالها مفسدة أعظم لا سيما إذا لم يبلغها القذف، فعليه أن يستغفر الله لها، ويستكثر من الأعمال الصالحة الماحية، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 111563.
وأما ما يترتب من جهة قذف الكناية من الحد، أو التعزير، ففيه خلاف بين العلماء، سبق بيانه في الفتوى رقم: 126407 .
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني