الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام من أسلم وتحته زوجة ولديه أولاد، وهل تجب نفقتهم عليه؟

السؤال

تعرفت على رجل هندوسي عمره 51 عاما، وله زوجة، وولد عمره 23 عاما، وبنت عمرها 19 عاما، والحمد لله أسلم هذا الرجل منذ ثلاثة أشهر بالتمام، ولكن أسرته ترفض قبول الإسلام، بل وتحاربه لدرجة أنه فكر في التراجع عن الإسلام، وهو معيلهم، وما زال يقيم معهم، ولكنه لا يقترب من زوجته منذ إشهار إسلامه. فإلى متى يمكنه البقاء معهم؟ وما حكم تناول الطعام التي تعده زوجته؟ وهل هو ملزم بالنفقة عليهم؟ وهل يجب عليه إجراء الختان؟ وما هي النصائح التي يجب أن أقدمها إليه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن أعظم نعم الله على عباده نعمة الهداية والدخول في الإسلام، فأكرم بها من نعمة يهنأ عليها صاحبها، وينبغي أن يعان بكل سبيل مشروع يمكن أن يعينه على الثبات على الدين بإظهار محاسن الإسلام له من خلال البر به، والإحسان إليه، وكذلك يُسلَّى بقصص الأنبياء والصالحين، وصبرهم على أذى قومهم، والعاقبة الحسنة التي كانت لهم في الدنيا والآخرة، فهذا من أهم عوامل الثبات، قال تعالى: وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {هود:120}. وينبغي أيضًا أن يبين له خطورة الردة عن الدين، وسوء المصير الذي ينتظر صاحبها يوم القيامة، على أن تراعى الحكمة والمصلحة في ذلك كله. وراجع الفتويين: 125150، 47025. ومن المهم جدًّا أيضًا: التدرج به فيما يتعلق بأحكام الشرع، وتربيته على الالتزام بها، وعدم التشديد عليه فيها على وجه ينفره من الدين، وسبق أن نبهنا على ذلك في الفتوى رقم: 114370. وراجع في حكم الختان الفتوى رقم: 27517.

ويجب عليه أن يفارق زوجته في الحال، فلا تحل له معاشرتها، فإن أسلمت وهي في عدتها منه رجعت إليه بالنكاح الأول، وإن أبت إلا الكفر انفسخ النكاح. وإن أراد البقاء مع أهله فله ذلك إن أمن على دينه، ويعامل زوجته معاملة الأجنبية؛ فلا يحل له الخلوة بها، ونحو ذلك. وإن خشي أن يفتن في دينه فعليه أن يفارقهم، فالحفاظ على الدين أولى، ولا حرج عليه في تناول الطعام الذي تعده زوجته إن كان هذا الطعام حلالًا في نفسه، بأن لا يكون قد صنع من شيء من المحرمات، كلحم الخنزير مثلًا.

وأما النفقة: فلا تلزمه نفقتها، قال ابن قدامة في الكافي: وإن أسلم هو دونها -وهي غير كتابية- فلا نفقة لها؛ لأنها منعته بمعصيتها، وإقامتها على كفرها... اهـ. وأما نفقة الأولاد: فقد اختلف أهل العلم في وجوب النفقة على الأقارب عند اختلاف الدين، قال ابن قدامة -رحمه الله-: الثاني: أن يكون دينهما مختلفًا، فلا نفقة لأحدهما على صاحبه, وذكر القاضي في عمودي النسب روايتين؛ إحداهما: تجب النفقة مع اختلاف الدين. وهو مذهب الشافعي. اهـ.

وعلى القول بالوجوب: فهنالك خلاف في حكم النفقة على البالغ من الأولاد بيناه في الفتوى رقم: 66857.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني