الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة حديث: (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة...)

السؤال

جزاكم الله خير الجزاء.
وجدت هذا الحديث في الموقع لديكم في فضل آية الكرسي فنسخته وأرسلته لمن لدي من أشخاص، ولكن أخبرني أحد الأشخاص بأنه ليس بحديث فما صحته؟
وجزاكم الله خيرا.
عن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول وهو على أعواد المنبر: من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت، ولا يواظب عليها إلا صديق أو عابد، ومن قرأها إذا أخذ مضجعه آمنه الله على نفسه وجاره وجار جاره والأبيات حوله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإننا لم ننسب هذا الحديث للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما نقلنا كلام القرطبي الذي يوافق موضوع السؤال السابق، ثم صرحنا في آخر الجواب بالنصح بتحري الصحيح؛ ففيه غنية وكفاية. وذلك في الفتوى رقم: 96571.
وعلى أية حال فهذا الحديث بتمامه لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال المناوي في (الفتح السماوي بتخريج أحاديث القاضي البيضاوي): قال الحافظ ابن حجر: رواه البيهقي في «الشعب» من طريق أبي إسحاق عن حبة العرني، سمعت علي بن أبي طالب يقول، فذكره، دون قوله: "لا يواظب عليها إلا صديق أو عابد" وذكر ما بعده وفي إسناده «نهشل بن سعيد» وهو متروك، وكذلك حبة العرني. وأخرجه أيضا من حديث أنس بلفظ: "من قرأ في دبر كل صلاة مكتوبة آية الكرسي حفظ إلى الصلاة، ولا يحافظ عليها إلا نبي، أو صديق، أو شهيد". وإسناده ضعيف. وصدر الحديث رواه النسائي، وابن حبان من حديث أبي أمامة، وإسناده صحيح. وله شاهد عن المغيرة بن شعبة عند أبي نعيم في الحلية، من رواية محمد بن كعب القرظي عنه، وغفل ابن الجوزي فأخرجه في الموضوعات، انتهى.
وقال الجلال السيوطي: قوله: «من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت» أخرجه بهذا اللفظ إلى هنا النسائي، وابن حبان، والدارقطني، من حديث أبي أمامة، والبيهقي في شعب الإيمان من حديث الصلصال ابن الدلهس، ومن حديث علي بن أبي طالب، وقوله: «لا يواظب عليها إلا صديق، أو عابد ... هذه الجملة من حديث آخر، أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث أنس مرفوعا» من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة حفظ إلى الصلاة الأخرى، ولا يحافظ عليها إلا نبي، أو صديق، أو شهيد. اهـ.
وذكر نحو ذلك الزيلعي في (تخريج أحاديث الكشاف)، وأما صدر الحديث، وهو قوله: "من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت" فصحيح كما نقل المناوي عن الحافظ ابن حجر، ولفظه في كتاب (نتائج الأفكار 2/295): غفل أبو الفرج ابن الجوزى فأورد هذا الحديث فى الموضوعات من طريق الدارقطنى، ولم يستدل لما ادعاه إلا بقول يعقوب بن سفيان: محمد بن حمير ليس بالقوى.اهـ. وهو جرح غير مفسر فى حق من وثقه يحيى بن معين وأخرج له البخاري، سلمنا لكنه لا يستلزم أن يكون ما رواه موضوعا، وقد أنكر الحافظ الضياء هذا على ابن الجوزى، وأخرجه فى الأحاديث المختارة مما ليس فى الصحيحين، وقال ابن عبد الهادى: لم يصب أبو الفرج، والحديث صحيح اهـ. قلت: ولم أجد للمتقدمين تصريحا بتصحيحه ... قال الشيخ النووى فى شرح المهذب: على أن الطبراني روى فى معجمه أحاديث فى فضل آية الكرسي عقب الصلاة، ولكنها ضعيفة اهـ. كذا أطلق، وحديث أبي أمامة الذى قدمته صحيح أو حسن كما تقدم. اهـ.

وقال ابن عراق الكناني في (تنزيه الشريعة): قال الحافظ الدمياطي في تقوية هذا الحديث في جزء جمعه في فضل آية الكرسي وأذكار أدبار الصلاة: محمد بن حمير ومحمد بن زياد الألهاني احتج بهما البخاري فى صحيحه، وقد تابع أبا أمامة علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمرو بن العاص. والمغيرة بن شعبة، وجابر وأنس، فرووه عن النبى وذكرها، ثم قال: وإذا انضمت هذه الأحاديث بعضها إلى بعض أخذت قوة. اهـ.

وقال المنذري في (الترغيب والترهيب): رواه النسائي والطبراني بأسانيد أحدها صحيح، وقال شيخنا أبو الحسن: هو على شرط البخاري، وابن حبان في كتاب الصلاة وصححه. اهـ.

وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد): رواه الطبراني في الكبير والأوسط بأسانيد، وأحدها جيد. اهـ. وصححه الألباني في الصحيحة (972). وراجعي للفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 114797، 42164، 38891.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني