الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فرض غرامة التأخير في سداد الدين.. رؤية شرعية

السؤال

أشكركم من كل قلبي على ما تقدمونه للإسلام والمسلمين.
أنا من الجزائر وأعمل في مكتب تسديد إيجار السكنات التابعة للدولة الجزائرية، ومن قوانين تلك المصلحة: أنه إذا تأخر صاحب المسكن في تسديد إيجار مسكنه لمدة ثلاثة أشهر فإن جهاز الكمبيوتر يفرض عقوبة للتأخير قدرها عشرة في المائة.
سؤالي هو: ما حكم هذه العقوبة شرعا؟ وهل هي ربا؟ وهل أنا بعملي في هذا المكتب أعين على الربا؟ وما حكم راتبي؟ علما أني أعمل في هذا المكتب منذ عامين. وهل يجب عليّ أن أخبر رئيس عملي بالحكم الشرعي؟
أرجو الإجابة عن سؤالي هذا؛ لأنه يؤرقني ليل نهار!

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمبلغ الأجرة الذي يتأخر المستأجر في سداده دَين في ذمته، وغرامة التأخير في سداد الدين لا يجوز فرضها؛ لأن حقيقة ذلك كونه ربا، وقد جاء في قرار مجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي المنعقد بمكة المكرمة 1409 أنه قرر بالإجماع ما يلي: إن الدائن إذا شرط على المدين أو فرض عليه أن يدفع له مبلغا من المال غرامة مالية جزائية محددة أو بنسبة معينة إذا تأخر عن السداد في الموعد المحدد بينهما فهو شرط أو فرض باطل، ولا يجب الوفاء به، بل ولا يحل؛ لأن هذا بعينه هو ربا الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه. اهـ.

وإن كان بعض الفقهاء يرى أن ما تفرضه الدولة من غرامات هو من باب العقوبة التعزيرية الجنائية، وأنها تهدف إلى تحقيق أغراض عقابية، ولا تهدف إلى تعويض الطرف المضرور؛ ففرق بينها وبين التعويض المالي والمدني الذي يستفيد منه المضرور تعويضًا عمّا أصابه من ضرر. ذكر ذلك الشيخ/ محيي الدين القره داغي في تأصيله للثلاثي: (غرامة التأخير، والشرط الجزائي، والتعويض عن الضرر) وهو بحث قيم يمكن الاطلاع عليه في موقعه. لكن ما نراه راجحًا هو: حرمة فرض تلك الغرامة، فلتبين للمسؤول حرمة ذلك ليسْعَ في تغيير ذلك النظام إن استطاع.

وأما عن عملك في المكتب، وكذا راتبك منه: فلا بأس به؛ لأن تحصيل الغرامة ليس هو مقصود العمل، بل تابع، لكن عليك الامتناع عن جباية هذه الغرامة مستقبلًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني