الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محفزات للعون على الطاعة والثبات

السؤال

ما هو القول الفصل في الأسباب المعينة على الثبات على الطاعة؟ تعبت كثيرا من التقلب بين الطاعة والمعصية، وأخشى على نفسي الفتنة واليأس من الثبات.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأهم ما يعين العبد على الثبات على الطاعة ومجانبة المعصية هو: الاستعانة بالله تعالى، واللجأ إليه، والتضرع له، والذل والانكسار بين يديه؛ فإنه سبحانه مقلب القلوب، والقلوب بين إصبعين من أصابعه -سبحانه- يقلبها كيف يشاء، فليكن دأبك أن تلهج بدعاء الله تعالى، وسؤاله التثبيت قائلًا ما حكاه الله عن الراسخين في العلم: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ {آل عمران:8}. مرددًا ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.

ومما يعينك على الثبات على الطاعة: أن تجاهد نفسك، وتداوم على الأعمال الصالحة التي تستطيعها، فلا تكلف نفسك ما لا تطيق، بل خذها باللين والرفق، وقليل تداوم عليه خير من كثير تنقطع دونه، فأدِّ الفرائض، وجانب المحرمات، وخذ من النوافل ما تستطيع المواظبة عليه، فإذا صار لك ملكة ثابتة وهيئة راسخة فزد ما شاء الله أن تزيد، وهكذا؛ فمجاهدة للنفس مع ترفق بها في طريق السير إلى الله تعالى كفيل -بإذن الله- أن تبلغ به المطلوب وتنال المرغوب.

وأكثر الفكرة في أسماء الرب وصفاته؛ فإنه من أعظم الأبواب التي يدخل منها العبد إلى طريق المعرفة بربه وخالقه سبحانه، وأدم الفكرة كذلك في نعمه وآلائه المستوجبة للشكر مع التأمل في عيوب النفس والعمل لتجتهد في إصلاحها، فالعبد يسير إلى الله بين مشاهدة منة الله عليه ومطالعة عيب نفسه وعمله. وحاسب نفسك على القليل والكثير، والكبير والصغير؛ فمن حاسب نفسه اليوم هان عليه الحساب غدا؛ قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ {الحشر:18}.

وعليك بالصحبة الصالحة؛ فإنها من أعون الأشياء على الاستقامة، فالجليس الصالح كحامل المسك؛ إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقد أحسن القائل:

إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي.

وتعلم العلم النافع من مظانه؛ فإن العلم هو أعظم عاصم من الزلل، وتعوذ بالله من الحَوْر بعد الكَوْر، ومن مضلات الفتن.

نسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق حتى نلقاه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني