الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أولاً أشكركم على اجتهادكم في مساعدتنا، وأتمنى أن تعذروني على كثرة أسئلتي فنحن بحاجة لأن نؤدي فريضة الزكاة.
أنا فتاة متزوجة منذ عدة أشهر لرجل يعمل بالسعودية ونحن من سوريا، وقد علمت بعد فترة من زواجي أن زوجي لا يؤدي زكاة ماله، بل يعطي المحتاجين كل فترة من ماله، وهو كريم جدا ولكنه لا يعلم بأمر ونيّة الزكاة.
إني بحثت كثيرا في الموقع ولكني لم أفهم كيفية أداء الزكاة أو المال الذي تجب فيه الزكاة، سأقول لكم ما نملك (الملك لله) وأنتم أرشدوني.
زوجي يعمل في كهرباء السيارات، ومستأجر ورشة، ولديه قطع سيارات حيث يأتيه كل يوم مال من سعر القطع ومال أجرة ليده، ولديه حساب صغير بالبنك، وأنا أجمع له المال بالبيت طبعا بعلمه لنشتري ورشة في سوريا، وجمعت حتى الآن 30 ألف ريال، ويوجد أيضا بالبيت مال نضعه في صندوق كلما أراد أن يشتري قطعا يأخذ منه وعندما يبيع شيئاً يضع سعر القطعة في هذا الصندوق، وعندي ذهب فوق النصاب أيضاً، وبعض الريالات هنا وهناك، ولديه بيت تسكن فيه أمه في الشام، ويبعث لها ببعض المال مصروفا كل فترة، ولدينا صندوق آخر نجمع فيه المال طوال الشهر وآخر الشهر نعطي من هذا المال للكفيل وندفع إيجار البيت والورشة ونعطي منه أجور العمال الذين يعملون في ورشة زوجي.
الآن أسئلتي وأعتذر عن الإطالة لأنني أريد توضيح المسألة لكم.
زوجي يأخذ من المال المختزن في البيت كل فترة ليشتري قطعاً أو سيارة مثلاً أو ليصرف على المنزل، ثم يضع في المنزل كل يوم المال الذي عمل به، وأنا لا أعلم كيف سيمضي على هذا المال سنة كاملة حتى نزكيه فهو في تغير دائم.
أرجوكم أفتوني ما الذي علينا إخراجه من هذا المال والذهب ولمن يحق هذا المال؟
وهل علينا إحصاء سعر القطع في المحل ودفع زكاتها وهي لم يتم بيعها بعد؟
لديه خالة زوجها مقعد وابنها لا يعمل وبناتها لا أعلم إن كنّ يعملن، ولديه خالة أخرى زوجها لا يعمل وجالسون في بيت أقاربهم وأولادها الشباب لا نعلم أين هم؟ ولديه خالة زوجها عمله بسيط ولكنه لا يصرف عليها جيدا ولديها أطفال، وخالاته كلهن بيوتهم دمرت وهن عند أقاربهن، وأنا لدي خالة عندها مسكن ولديها الملبس والمأكل لكن حياتها متواضعة جدا؛ حيث أن زوجها لا يعمل، ومأكلهم وملبسهم أغلبه من تبرعات الجمعيات والأقارب.
هناك الكثير من العائلات الخارجة من منزلها ومستأجرة أو جالسة عند الأقارب، فهل تحق لتلك العائلات الزكاة؟ مع العلم أن أغلب العالم لديهم سنسال ذهب أو أسورة أو أي شيء يكنزونه لليوم الأسود الذي لا يجدون فيه لقمة العيش.
هل يمكننا أن نحصي مالنا الذي تجب فيه الزكاة كل عيد فطر ونزكيه؟
آسفة مرة أخرى على الإطالة أنتظر ردكم بفارغ الصبر؛ لأننا سنذهب إلى سوريا بعد بضعة أيام ونريد أن ندفع الزكاة هناك، وسوف يذبح زوجي خروفا هناك ليبارك له الله في رزقه، هل سعره يعد من الزكاة؟
أتمنى أن تعذروني على تداخل الأسئلة، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنرجو مستقبلا أن ترسلي أسئلتك مفرقة سؤالا سؤالا، وسنحاول الآن الإجابة عما سألت عنه بشيء من الاختصار، وذلك في النقاط التالية:

1ـ الزكاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثالث من أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة.

وعليه؛ فإن كان زوجك يملك نصابا شرعيا فالواجب عليه الاعتناء بأمر الزكاة والمبادرة بدفعها إلى مستحقيها، فإن تأخير الزكاة بعد حولان الحول غير جائز؛ لأنها حق الفقراء فلم يجز تأخيره عنهم، ولأن الله وقت لإخراجها وقتا وهو الحول فلم يجز تأخيرها عنه كالصلاة، وليتب إلى الله تعالى من عدم إخراجها في وقتها.

وإن كان قد مر على ملكه نصابا عدة سنين ولم يخرج زكاته فعليه أن يخرج الزكاة عن السنوات التي لم يخرج زكاتها، وكيفية احتساب الزكاة عن السنوات الماضية مبينة في الفتوى رقم: 284167، فليجتهد في تقدير ذلك قدر المستطاع .
علما بأن النصاب في العملات الموجودة الآن هو ما يعادل قيمة خمسة وثمانين جراماً من الذهب، أو قيمة خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة، فأي القيمتين وصلها المال وجبت زكاته، والقدر الذي يجب إخراجه في حال وجوب الزكاة هو اثنان ونصف في المائة وهو ربع العشر، وقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 70773، بيان عيار الذهب الذي يتم به تحديد نصاب العملات والعروض التجارية، فالرجاء مراجعتها.

2ـ هذه القطع التي ذكرت ( قطع غيار السيارات ) تعتبر من عروض التجارة، وتُزكى على هذا الأساس، فتقوم تلك القطع في السوق عند حولان الحول على أصل المال الذي اشتريت به، فإن بلغت قيمتها نصابًا ـ بنفسها، أو بما انضم إليها من نقود أخرى، فيخرج من الجميع ربع العشر -2.5 %- كما ذكرنا آنفا ، وانظري الفتوى رقم: 139391.

أما المال الذي يحصله الزوج من عمل يده، فإنه يسمى في عرف الفقهاء بالمال المستفاد، وقد بينا كيفية زكاته في الفتوى رقم: 125714.

وأما البيت الذي تسكن فيه أمه فلا زكاة فيه، إلا إذا كان اشتراه بقصد الاتجار فيه.

وكذلك الذهب الذي لك لا زكاة فيه إن كان معدا للزينة عند جماهير أهل العلم رحمهم الله تعالى، كما فصلناه في الفتوى رقم: 6237.

وإن لم يكن معدا للزينة ففيه الزكاة إن بلغ النصاب وحال عليه الحول.

3 ـ مصارف الزكاة بينهم المولى سبحانه في الآية الكريمة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60}.

فمن كان من العوائل المذكورة يستحق الزكاة بأي وصف من الأوصاف المتقدمة فالأولى أن تعطى له؛ لأن إعطاءها للقريب صدقة وصلة.

وأما من عندهم ذهب فراجعي بشأن إعطائهم من الزكاة فتوانا رقم: 125244.

4 ـ لا حرج في إخراج زكاة المال في شهر معين مثل عيد الفطر بشرط أن يكون هذا الشهر هو وقت اكتمال الحول أو قبله، لا بعده.

ولا يحسب ثمن الخروف الذي سيشتريه زوجك ليذبحه من الزكاة .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني