الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا طاعة للوالدين في معصية الله

السؤال

زوجتي مقاطعة لأمي وأختي، والآن الزوجة والأختان يردن الصلح، لكن أمي تمنعهما منه، وتهددهما بأنها ستغضب عليهما إلى يوم القيامة، وبأنها ستدعو عليهما بغضب الله وقت طوافها بالكعبة، فماذا عليهما فعله؟ وهل لو اصطلحن يقع عليهما حكم العقوق ويخشى عليهما وقوع دعوة أمي عليهما؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن المعلوم أن الله تعالى أوجب طاعة الوالدين، وجعل عقوقهما من الكبائر، لكن هذا مقيد بما إذا لم تتصادم طاعتهما مع طاعة الله، وإلا فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وقد قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا {لقمان: 15}.

يقول القرطبي عند تفسير هذه الآية الكريمة: وجملة هذا الباب أن طاعة الأبوين لا تراعى في ارتكاب كبيرة، ولا في ترك فريضة على الأعيان، وتلزم طاعتهما في المباحات. انتهى كلامه.

ومعنى هذا الكلام أن الولد لا يجب عليه أن يطيع والديه إذا أمراه بمعصية، ولا شك أن التقاطع والتباغض والتهاجر بين المسلمين محرم شرعا، قال صلى الله عليه وسلم: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. متفق عليه.

وبناء عليه، فإنه لا طاعة للأم في منع ورفض التصالح بين زوجتك وأختيك، ولو اصطلحت أختاك مع زوجتك، فلا يعد ذلك عقوقا لأمك، وإن دعت عليهما، فلا يستجاب دعاؤها ـ إن شاء الله ـ لأنه ظلم وإثم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه مسلم.

وينبغي التلطف مع الأم ووعظها وتذكيرها بحرمة التقاطع بين المسلمين لعل الله تعالى يهديها إلى التصالح مع زوجتك، والعدول عن منع أختيك من ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني