الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طهارة من يستمر نزول البول منه بعد التبول مدة معينة ثم ينقطع

السؤال

الرجاء منكم شيخنا إجابتي بكل تفصيل عن هذا المشكل الذي يؤرقني، مستندين في ذلك على المذاهب الأربعة (المالكية، والشافعية، والحنابلة، والحنفية)، وأقوال العلماء مثل: ابن باز، وابن عثيمين ...
أبلغ من العمر ثلاثًا وعشرين سنة، بعد قضائي حاجتي (التبول) يستمر سائل شفاف (لا أعرف أهو المذي أو البول)، له نفس خصائص البول حسب الظاهر، وليس باللزج، يستمر في الخروج بين خمس عشرة إلى ثلاثين دقيقة، وفي بعض الأحيان أكثر من تلك المدة الزمنية، لكن بعد هذه المدة ينقطع خروج هذا السائل تمامًا، وتكون الكمية الخارجة في نهاية الأمر حوالي ثلاث أو أربع قطرات، ولا تخرج بصفة مسترسلة، وإنما بكمية صغيرة كل حوالي خمس عشرة ثانية.
أصبحت أضع بعض الأوراق النشافة فوق الذكر مدة خروج هذه المادة، لكن ذلك يؤرقني بسبب عدم ملازمة الأوراق النشافة لفتحة خروج البول، واحتمال تسرب هذه القطرات إلى الملابس الخارجية، كذلك قد يتزامن قضاء حاجتي مع الصلوات المفروضة التي من بينها صلاة الجمعة، والتي أضطر في بعض الأحيان لعدم أدائها لملازمة خروج هذا السائل.
الرجاء منكم شيخنا مساعدتي، وتوضيح الأمر، مع الشكر الجزيل، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالظاهر مما ذكرت أن البول يستمر خروجه منك بعد التبول هذه المدة، والواجب عليك -والحال هذه- هو أن تنتظر حتى ينقطع خروج تلك القطرات، ثم تستنجي، وتغسل ما أصاب بدنك، أو ثوبك، وتتوضأ للصلاة، ووضعك هذه المناديل حسن لمنع انتشار النجاسة في الثياب.

وإذا شككت في وصول النجاسة للثياب، فالأصل عدم خروجها، فابْنِ على هذا الأصل، واعمل به حتى يحصل لك اليقين الجازم الذي تستطيع أن تحلف عليه أنه قد خرج منك شيء؛ قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: ما ذكره السائل عن نفسه من كونه إذا بال ثم استنجى خرج منه قطرات من البول بعد أن يخرج من محل نقض الوضوء، فإن هذه القطرات لا تخلو من إحدى حالين:

إما أن تكون مستمرة بحيث لا يحصل فيها توقف، فهذه لها حكم سلس البول؛ أي: أن الإنسان إذا توضأ تحفَّظَ بقدر ما يستطيع بعد أن يغسل فرجه، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم صلّى، ولا يتوضأ للصلاة قبل دخول وقتها، هذا إذا كانت هذه القطرات مستمرة لا تتوقف.

أما إذا كانت تتوقف، ولكنها تحصل بعد البول بنحو ربع ساعة، أو ما أشبه ذلك، فإنه ينتظر حتى تتوقف، فإن خرجت بعد هذا انتقض وضوؤه؛ لأن ما خرج من السبيلين ناقض للوضوء بكل حال. انتهى.

ولفقهاء المالكية مذهب سهل في تلك النجاسة -حال السلس- حيث لا يوجبون إزالتها، ويمكن العمل بمذهبهم عند الحاجة، وراجع الفتوى رقم: 75637.

وعليك أن تقضي حاجتك قبل صلاة الجمعة بوقت كافٍ لانقطاع خروج تلك القطرات حتى لا تفوتك صلاة الجمعة، فإذا اضطررت لقضاء حاجتك في وقت الصلاة، واستمر خروج البول، فنرجو ألا إثم عليك -والحال هذه-؛ لأنك معذور، فإن صادفت مسجدًا يؤخر الصلاة فصلِّ معهم، وإلا فصلِّ ظهرًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني