الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إبلاغ مدير الشركة عن الموظفين الفاسدين

السؤال

أعمل في شركة مليئة بالمحسوبيات والظلم والوساطات, فعلى سبيل المثال منذ زمن طويل كلما كانت هناك فرصة للترقية داخل الشركة لا يحصل عليها الموظفون القدامى, وإنما يحصل عليها أناس جدد هم أصدقاء أو أقارب للمدراء الموجودين حالياً والذين هم أس الفساد, مما أدى إلى كوارث كبيرة منها استقالة الكثير من الكفاءات وقطع أرزاق الكثير من الناس, كل هذا كان تحت أعين المدير التنفيذي ومساعده, لكن قدرة الله شاءت أن يقال هذا المدير ومساعده بسبب الخسائر التي حصلت للشركة، وتم استبداله بمدير تنفيذي جديد من خارج الشركة, وهذا المدير الجديد كان العديد من الموظفين الأكفاء الموجودين حالياً قد عملوا معه في شركة أخرى، وقالوا إنه صارم وعادل جداً، والسؤال هو: أفكر في أن أرسل بريدا إلكترونيا بدون اسمي لهذا المدير وأخبره بكل الفساد والموظفين الفاسدين المعروفين، والذين كانت لهم سوابق فساد أثرت على أناس كثيرين، وألحقت بهم الأضرار مما يترتب عليه في المستقبل إقالة هؤلاء أو انتظارهم على أخطاء صغيرة لكي تتم إقالتهم، فهل هذا يعتبر من قطع الأرزاق وسوف أحاسب عليه؟ أم يعتبر من كشف وفضح الظلم وأثاب عليه؟.
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحيث كان هؤلاء الموظفون معروفين بالفساد والظلم ـ كما تقول ـ ولم تحصل منهم توبة، فلا مانع من إخبار المدير بحالهم ليحجزهم عن فسادهم وظلمهم، وهذا من باب النصح وتغيير المنكر وإزالة الظلم، قال النووي في شرحه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ـ وَأَمَّا السَّتْر الْمَنْدُوب إِلَيْهِ هُنَا: فَالْمُرَاد بِهِ السَّتْر عَلَى ذَوِي الْهَيْئَات وَنَحْوهمْ مِمَّنْ لَيْسَ هُوَ مَعْرُوفًا بِالْأَذَى وَالْفَسَاد، فَأَمَّا الْمَعْرُوف بِذَلِكَ فَيُسْتَحَبّ أَلَّا يُسْتَر عَلَيْهِ, بَلْ تُرْفَع قَضِيَّته إِلَى وَلِيّ الْأَمْر إِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ ذَلِكَ مَفْسَدَة، لِأَنَّ السَّتْر عَلَى هَذَا يُطْمِعهُ فِي الْإِيذَاء وَالْفَسَاد, وَانْتَهَاك الْحُرُمَات وَجَسَارَة غَيْره عَلَى مِثْل فِعْله، هَذَا كُلّه فِي سَتْر مَعْصِيَة وَقَعَتْ وَانْقَضَتْ, وَأَمَّا مَعْصِيَة رَآهُ عَلَيْهَا, وَهُوَ بَعْد مُتَلَبِّس بِهَا فَتَجِب الْمُبَادَرَة بِإِنْكَارِهَا عَلَيْهِ, وَمَنْعه مِنْهَا عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ, وَلَا يَحِلّ تَأْخِيرهَا، فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَهُ رَفْعهَا إِلَى وَلِيّ الْأَمْر إِذَا لَمْ تَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَة. اهـ.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 167735.

وأما أرزاق العباد: فهي بيد من خلقهم، ولا أحد من البشر يقدر على قطع رزق قسمه الله لعبده، وانظر الفتوى رقم: 179105.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني