الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

سؤالي: أنا واعدت الله سبحانه وتعالى أني لن أترك صلاة التراويح أبدًا إلا إذا كنت مجبرة جدًّا، فأنا الآن أصلي صلاة التراويح (8) ركعات سريعة، وبعدها صلاة الوتر، وأصليهما بعد صلاة العشاء وراتبتها، وأحيانًا أؤخرها بعد صلاة العشاء وراتبتها بساعة، وأنام وأستيقظ تقريبًا قبل ساعة من صلاة الفجر لأصلي التهجد ركعتين، ووترها، وبعدها أصلي قيام الليل (12) ركعة سريعة ووترها. فهل يجوز لي أن أستيقظ قبل ساعتين من صلاة الفجر وأصلي التهجد ركعتين ووترها، وبعدها أصلي (20) ركعة سريعة لقيام الليل ووترها؟ أم أكون بذلك قد أخلفت بوعدي؟
أرجو الإجابة -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا حرج عليك فيما تفعلينه غير ألا توتري مرتين، فإذا أوترت أول الليل واستيقظت فلا توتري ثانية؛ فصلاة الوتر لا تصلى إلا مرة واحدة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا وتران في ليلة". رواه أحمد.

ولا ينبغي لمن كان عازمًا على الصلاة آخر الليل أن يوتر أوله؛ لأن السنة أن يجعل الوتر آخر صلاة الليل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا". متفق عليه.

والتهجد هو صلاة آخر الليل، وهي أفضل؛ قال القرطبي -رحمه الله-: التهجد: التيقظ بعد رقدة، فصار اسمًا للصلاة، لأنه ينتبه لها، فالتهجد القيام إلى الصلاة من النوم، قال معناه الأسود، وعلقمة، وعبد الرحمن بن الأسود، وغيرهم.

وروى إسماعيل بن إسحاق القاضي من حديث الحجاج بن عمرو -صاحب النبي صلى الله عليه وسلم- أنه قال: أيحسب أحدكم إذا قام من الليل كله أنه قد تهجد، إنما التهجد الصلاة بعد رقدة، ثم الصلاة بعد رقدة، ثم الصلاة بعد رقدة، كذلك كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحسنه الحافظ في التلخيص.

وأما كونك تريدين القيام بعشرين ركعة أو أكثر: فلا حرج فيه، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة ركعة، كما في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها-، لكن ليس هذا تحديدًا لا تجوز الزيادة عليه، بل هو مجرد فعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن اقتصر عليه فهو أفضل، ومن زاد فلا حرج عليه، فقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يصلون عشرين ركعة على عهد عمر، وعثمان، وعلي. قال الترمذي: وأكثر أهل العلم على ما روي عن عمر وعلي وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عشرين ركعة، فهو قول الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وقال: هكذا أدركت الناس بمكة يصلون عشرين ركعة.

لكن قولك "أصلي التهجد ركعتين، ثم أوتر، ثم أصلي عشرين ركعة سريعة": خطأ، بل تصلين ما شاء الله لك، ثم توترين آخر صلاتك -كما سبق-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني