الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الزوج من زوجته التي حلف أبوها عليها بطلاق أمها لو تواصلت معه

السؤال

نزلت زوجتي إجازة قبلي بـ 20 يوما، وعندما لحقت بها بعد 20 يوما لم أذهب لزيارتها في أول يوم بل في ثالث يوم، وقام والدها بالصراخ علي وعلى والدي عندما ذهبنا لزيارتهم، وقال لي إن ابنته ستبقى عنده إلى أن يصير كلام جيد بيننا، وزوجتي لم تتكلم معي منذ خمسة أشهر إلا مرة واحدة جلست معها، وقالت لي إن والدها حلف يمين طلاق على أمها إذا تواصلت معي بأي وسيلة اتصال (وسائل التواصل الاجتماعي، مكالمة، رسالة) وأخذت تبكي أن ليس لها علاقة، وعاتبتها أن الطاعة لي قبل أهلها والمفروض أن تكلمني، وعندما رجعت إلى عملي في البلد الآخر أرسلت لي رسالة "الحمد لله على سلامتك" مع العلم عن كلامهم أن الأب حلف يمين طلاق على أمها، فهل عليها إثم في ذلك؟ خصوصاً أني لا أعلم هل تخرج من البيت بدون إذني؟ وهل الطلاق في هذه الحالة يكون فيه ظلم للزوجة؟ مع العلم أني عندما تكلمت معها تم ذلك في بيت زوج عمتها الذي أحضرها وعمتها لنتحدث ولم يتحدث معي أبوها وأمها من وقت المشكلة أبداً؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حقّ لوالد زوجتك في منعها من مكالمتك والرجوع إليك، ولا تلزمها طاعته في ذلك، بل واجب عليها طاعتك في المعروف ولو نهاها أبوها، قال ابن تيمية (رحمه الله): الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَبُ. مجموع الفتاوى - (32 / 261)
وقال المرداوي الحنبلي (رحمه الله): لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها ولا زيارة ونحوها بل طاعة زوجها أحق.
وعليه فإنّ امرأتك لم تأثم بمكالمتك ومراسلتك، بل الواجب عليها أن ترجع إليك إذا سألتها الرجوع، ولا يجوز لها أن تخرج بغير إذنك ولو كانت في بيت أبيها إلا لضرورة.
وأما عن حكم الطلاق فإن كان بسبب امتناعها من الرجوع إليك فهو جائز لا حرج عليك فيه، وليس فيه ظلم لها، فالطلاق إذا كان لحاجة فهو مباح، قال ابن قدامة (رحمه الله) ـ عند كلامه على أقسام الطلاق ـ: والثالث: مباح وهو عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة وسوء عشرتها والتضرر بها من غير حصول الغرض بها... المغني - (8 / 235)
لكن الأولى ألا تتعجل في طلاقها، وأن تسعى في الإصلاح، فإنّ الطلاق لا ينبغي أن يصار إليه إلا بعد تعذر جميع وسائل الإصلاح.
وبخصوص يمين الطلاق الذي حلفه أبو الزوجة ألا تتواصل معك بأي وسيلة، فقد حنث فيه بمراسلتها لك، إلا إذا كان الأب نوى بيمينه منعها من التواصل معك مدة معينة ولم تتواصل معك فيها فلم يحنث حينئذ، وإذا حنث فالمفتى به عندنا وقوع طلاق امرأته، وبعض أهل العلم يرى عدم وقوع الطلاق إذا كانت يمينه للتأكيد والتهديد ونحوه ولم ينو الطلاق، وراجع الفتوى رقم: 11592.

فينبغي عرض هذه المسألة على أهل العلم ببلدكم لما فيها من التفصيل والخلاف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني