الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من وعد فتاة بالزواج ثم تركها يعد ظالما لها؟

السؤال

أنا فتاة عمري 22 أدرس الصيدلة، لقد كنت من الأوائل، ولكن أصبحت بآخر 3 سنوات من الطلاب المهملين، ولا أنجح بمواد الجامعة حتى أني أصبحت أفرح عندما أحصل على معدل 60 من شدة إهمالي، وأنا مستاءة لذلك، السبب في ذلك أني تعرفت على شاب يدرس معي بالجامعة، وكنت أحادثه يوميا حتى أني علقت كل آمالي بهذا الشاب، وأخذ يعدني بالزواج، وكان كل يوم يقولها إني لن أتزوج غيرك, أنا فتاة متدينة ولكن قل إيماني بمحادثة هذا الشاب حتى أخذنا نتكلم في أمور لا يتكلم فيها إلا المتزوجون, والحمد لله لم أفعل شيئا مع هذا الشاب سوى الكلام, ذهبت إلى العمرة من سنة تقريبا، ودعوت الله وأنا أنظر إلى الكعبة بأن يخلصني من ذنوبي، ودعوت إذا كان هذا الشاب شرا لي أن يبعده الله عني، لم أتكلم مع هذا الشاب خلال سفري إلى السعودية, وبالفعل بعد أسبوعين رجعت إلى بلدي, فأخذ يقول لي إنه لا يريدني وإنني غير مناسبة بالنسبة له، وأنا من ضعفي بقيت أتوسل إليه أن لا يتركني، فأخذ يصرخ علي ويقول لي اخرجي من حياتي, للعلم هو شاب غير متدين, عرفت أنه تعرف بنفس الفترة على فتاة أخرى (يعني أنه تركني لأجل فتاة أخرى) بعد أن كلمني 3 سنوات ويوميا وعدني بالزواج ذهبت إلى تلك الفتاة وسببت له موقفا محرجا أمامها, فحقد علي وبقي يلحق بي بالجامعة هو وشبان آخرون غير متدينين، وظلوا يضايقونني بنظراتهم وسخريتهم لي طيلة فترة دوام الجامعة، وأنا كنت أبكي وازداد فشلي بالجامعة حتى أني رسبت في مواد كثيرة، والآن هو يتخرج من الجامعة بمعدل جيد وتنتظره الوظيفة، مع أنني دعوت عليه كثيرا حتى في أوقات الاستجابة، هل يعد ظالما لي؟ وإذا كان كذلك لماذا يتوفق في حياته ويحصل على جميع ما يريد ويكون إنسانا ناجحا في دراسته وفي حياته؟ صديقاتي يقولون لي لربما كان بارا بوالدته, ولكن هل البر بالأم يوفقه حتى لو كان ظالما لي؟ أنا لم أعد أدرس بشكل جيد حتى أنني غدوت فاشلة في الجامعة بعد أن كنت من الأوائل ولا أعرف أدرس، وأراقبه على مواقع التواصل الاجتماعي كل يوم يضع صورا مع أصدقائه وأنهم بمطعم وأنه سعيد, أنا بصراحة أتمنى الفشل له ولكنه ينجح وأنا التي أفشل لماذا؟ هل أن أتمنى له الفشل حرام؟ كما أريد أن أعرف هل إن كان ظالما لي سيعاقبه الله في الدنيا أم فقط في الآخرة؟ أرجو الرد جزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالدنيا دار عمل لا دار جزاء، والآخرة هي دار الحساب والجزاء، والله تعالى حليم لا يعاجل العاصي بالعقوبة، بل قد يفتح عليه الدنيا استدراجاً، وقد يعجّل الله للعاصي شيئاً من العقوبة ليرجع إلى ربّه ويتوب من معصيته.
واعلمي أنّ وعد الشاب لك بالزواج ليس مسوّغاً للعلاقة المحرمة والكلام الماجن معه، ولا يصيرك هذا الوعد ضحية مظلومة معفاة من التبعة بريئة من الإثم، بل أنت ظالمة لنفسك واقعة في الحرام طوعاً، رضيت لنفسك أن تكوني ألعوبة للعابثين.
فلا تلومي إلا نفسك، ولا تنشغلي إلا بذنبك، ولا يخدعنك الشيطان ويشغلك بحكم ما فعله الشاب أو عقوبته أو الدعاء عليه، ولكن اشغلي نفسك بتحقيق التوبة إلى الله عز وجل، والوقوف عند حدود الله تعالى، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع الستر على النفس وعدم المجاهرة بالذنب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني