الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال الفقهاء في منع الحمل المؤقت أو الدائم

السؤال

لي صديقة مريضة بمرض مزمن-غالبا- لا يرجى الشفاء منه وقد ورَّثته لابنها ولقد حاولوا التوصل لعلاج له وقال الأطباء في الخارج إنه في أحسن الأحوال سيبقى الولد على حاله- مع العلم أن المرض مرض يتطور ويزداد سوءاً مع تقدم العمر أو زيادة المجهود البدني- وهي تريد أن تحمل مرة أخرى ولكن الأطباء-في الخارج- أخبروها أن الطفل الثاني من المتوقع أن يأتي مريضا بنسبة50% أو أن يأتي صحيحا بنسبة50% وأفادوها بأنها ممكن أن تحمل -بإذن الله- وسوف يتم عمل فحوصات على الجنين في الأسابيع الأولى من الحمل لمعرفة وجود المرض به ولو ثبت المرض سوف يقومون بإجهاضه.والسؤال هل يجوز إجهاض الجنين في الأسابيع الأولى من الحمل أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد سبق الكلام عن حرمة الإجهاض، وأنه لا يجوز إلا عند الضرورة المتحققة أو الغالب حدوثها بالأم، وأن التشوه المتوقع حدوثه بالجنين لا يبيح الإجهاض، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 10228 والفتوى رقم: 158789 ، أما استخدام ما يمنع الحمل منعاً موقتاً كالعزل والدواء الذي لا ضرر فيه على البدن فالمذاهب الأربعة على عدم حرمته، ثم منهم من قال بالكراهة ومنهم من قال بالجواز. قال الكاساني في البدائع 2/335: ويكره للزوج أن يعزل عن امرأته الحرة بغير رضاها، لأن الوطء عن إنزال سبب لحصول الولد، ولها في الولد حق، وبالعزل يفوت الولد، فكأنه سبب لفوات حقها، وإن كان العزل برضاها لا يكره، لأنها رضيت بفوات حقها. اهـ. وقال الدرديري في الشرح الكبير 2/267: (كالحرة) لزوجها العزل (إذا أذنت) مجاناً أو بعوض صغيرة أو كبيرة. اهـ وقال الرملي في النهاية 8/227: والعزل حذراً من الولد مكروه وإن أذنت فيه المعزول عنها، حرة كانت أو أمة، لأنه طريق إلى قطع النسل. اهـ. بخلاف ما إذا عَنَّ له أن ينزع لا حذراً من الولد فلا يكره. وقال ابن قدامة في المغني 7/444: والعزل مكروه، ومعناه أن ينزع إذا قرب الإنزال، فينزل خارجاً من الفرج، رويت كراهته عن عمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وروي ذلك عن أبي بكر الصديق أيضاً، لأن فيه تقليل النسل، وقطع اللذة عن الموطوءة. وقال الإمام العراقي في طرح التثريب 7/62: محل الخلاف في العزل ما إذا كان يقصد التحرز عن الولد قاله إمام الحرمين، فقال: حيث قلنا بالتحريم، فذلك إذا نزع على قصد أن يقع الماء خارجاً تحرزاً عن الولد قال: وأما إذا عَنَّ له أن ينزع لا على هذا القصد فيجب القطع بأنه لا يحرم. انتهى. وقد يقال مقتضى التعليل في الحرة بأنه حقها فلا بد من استئذانها فيه أن ذلك لا يختص بحالة التحرز عن الولد. والله أعلم. انتهى.

وأما استعمال ما يقطع النسل أصلاً فمحرم عند جماهير العلماء، ما لم يكن هناك ضرر متحقق أو غالب يلحق الأم أو الولد، فإن كان هناك ضرر انتفت الحرمة، أما الاحتمال المذكور في السؤال فيظهر أنه ضعيف لا يبنى عليه حكم. قال ابن حجر الهيتمي في التحفة: ويحرم استعمال ما يقطع الحَبَل من أصله كما صرح به كثيرون وهو ظاهر. انتهى. قال الشبراملسي في حاشيته 7/137: وقوله من أصله: أي أما ما تبطئ الحمل مدة ولا يقطعه من أصله فلا يحرم كما هو ظاهر، ثم الظاهر أنه إن كان لعذر كتربية ولد لم يكره أيضاً؛ وإلا كره. وقال الفاكهاني المالكي في الفواكه الدواني 1/118: وأما لو استعملت دواء لقطعه أصلاً فلا يجوز لها حيث كان يترتب عليه قطع النسل؛ كما لا يجوز للرجل استعمال ما يقطع نسله أو يقلله. ا.هـ وقال في مطالب أولي النهى: وحرم شرب ما يقطع الحمل، قال في (الفائق) ذكره بعضهم. وانظر الفتوى رقم: 29896.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني