الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج في تعاون أهل المسجد على إصلاحه وتنبيه الإمام والمؤذن على أخطائهما برفق

السؤال

أود أن أطرح المشكلة التي أعانيها من مسجدنا في الحي الذي أسكن فيه، وهذا المسجد حكومي وباسم أحد ملوك الدولة, وليس فقط معاناتي بل أهل الحي أيضا وغيرهم من المارين يعانون من جميعها أو بعضها، وهذه المشاكل والسلبيات على نقطتين:
النقطة الأولى: إمام المسجد والمؤذن ـ انا أقطن في الحي منذ سنين، ولكن لاحظنا بأن الإمام يقوم بتكرار السور والآيات دائما بالإضافة إلى صلاة الجمعة دائما يقرأ سورة الشرح والعصر إلا بشكل نادر يقرأ غيرهم، وما سمعته أبدا يقرأ سورتي الأعلى والغاشية كما في السنة، وأيضا يقرأ خاتمة سورة الجمعة في ليلة الجمعة بشكل أساسي ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ "وترتيله متواضع وليس فيه خشوع أو سكينة ناهيك عن تأخره عن الخروج من بيته الواقع داخل حرم المسجد لكي تقام الصلاة برغم قرب بيته، وأحيانا يأتي مبكرا لإقامة الصلاة قبل موعد الإقامة بشكل ملفت, وبالنسبة لخطب الجمعة أحيانا تكون مكررة، وتارة تكون حول موضوع ليس بمهم ولا بمؤثر, وفي تكراره في السور والآيات بشكل عام كما يبدو وواضح أنه مخصص منها وبعضها لصلاة الفجر وبشكل نادر جدا نسمعها في صلاة غيرها, هذا بالنسبة للإمام.
وبالنسبة للمؤذن لا يختلف عنه كثيرا, فيكرر الآيات مثله وخصوصا المغرب يقرأ سورتي الفلق والناس دائما ويخصص بعض الآيات في الفجر, وكما أن أحد المصلين سأله ذات مرة لماذا أنت والإمام أيضا لا تقرآن ودائما هناك تكرار؟ قال المصلون يستأهلون ما نالوا بما أنهم صامتون ولم نسمع منهم شكوى تجاه الإمام وقراءته وسلبياته لذا أنا أفعل مثله! فهل يعقل ويقبل هذا العذر من المؤذن؟ بالرغم أنه كان يقرأ آيات متنوعة وأفضل من الإمام بكثير كما كنا نسمعه, أليس من المفروض أن يمارس العبادة في أحسن وجه خصوصا بما أنه يعتبر قدوة سواء هو أو الإمام؟ ناهيك عن تأخره عن الأذان أحيانا, وفي حالة ما إذا كانوا حافظين للقرآن ما الذي يمنعهم من القراءة؟ وإذا لم يكونوا من الحفاظ فهناك الكثير من هم أولى بالإمامة، ويجعل من وراءهم يخشعون ويتدبرون الآيات, وبالإضافة إلى أن الإمام يتأخر في التشهد الأخير بصورة مبالغ فيها, والإمام يتأخر بين السجدتين والتشهد الأول بصورة ملفتة وغريبة, وبهذه الأسباب صلاتنا أصبحت عادة وليست عبادة وتخلو من الخشوع وتجعل الذهن مشتتا وكثير من الناس لا يصلون في هذا المسجد لأنه صار معروفا بسلبياته، وكثيرا ما تكون دورات المياه مقفلة.
النقطة الثاني: إهمال الصيانة ـ التكييف داخل المسجد دائما في خراب بشكل مستمر دون وجود حل شاف، وحسب تأكيد الإمام والمؤذن بأنهم يبلغون وزارة الأوقاف بشكل دائم حول أي خراب أو احتياجات ولكن لا حياة لمن تنادي.
والإهمال واضح جدا لدرجة أن إمام المسجد طلب من المصلين من يتصدق لهذا المسجد لمرات عديدة لتصليح التكييف، وتارة لماء دورات المياه التي تنقطع عن هذا الجامع الكبير، وفي كثير من الأحيان انقطاع الماء سببه ماسورة مكسورة، والماء يهدر بشكل مستمر حتى يفرغ الخزان بإهمال واضح من الجهة المسئولة, فأين تعظيم شعائر الله وبيوته؟
أليس كل راع مسؤول عن رعيته؟ وهل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ينطبق عليهما (...وإمام قوم وهم له كارهون) الحديث؟ وهل إذا أريتهم هذه الرسالة وإجابتها التي سوف أتلقاها منكم إن شاء الله سيكون تصرفا إيجابيا مني سواء كشفت عن هويتي عندهم أم وكلت أحد الأشخاص ليوصلها لهم لعلهم يعتدلون حسب قدرتهم أو بتسليم الإمامة والأذان لأشخاص أولى منهم؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فههنا أمور يحسن بنا أن ننبهك عليها: أولا: ما يتعلق بالمشاكل في صيانة المسجد والمكيفات ونحو ذلك يمكنكم التواصل بخصوصه مع الجهات المسؤولة، كما يمكنكم التعاون على إصلاحه فيما بينكم، ولكم على ذلك الأجر الجزيل من الله تعالى، فإن هذا من عمارة المساجد المرغب فيها شرعا، والله أعلم.

ثانيا: ما ذكرته عن هذا الإمام والمؤذن أمور سهلة يسيرة لا توجب كراهته ولا النفرة من الصلاة خلفه، فكونه يتقن بعض المواضع أكثر من غيرها، فيكثر القراءة بها في الصلاة مما لا محظور فيه، والقرآن كله كلام الله، وأيا قرأ منه الشخص فهو حسن، فعليكم أن تحضروا قلوبكم في أثناء قراءة الإمام، وأن تتدبروا ما يقرأ وإن كرره أو كثر ترداده له، وإن أردتم أن ينوع ما يقرؤه فكلموه بلين ورفق، وقولوا له بأسلوب حسن مهذب: لو غيرت مواضع قراءتك لنسمع من كلام الله الشيء الذي يدعو إلى حضور قلوبنا، ونحو ذلك من الكلام. والحاصل أن الأمر في هذا يسير لا يوجب ما ذكرت، ثالثا: قراءة بعض السور في أوقات مخصوصة إذا لم يكن الشرع ورد بذلك فإن لم يعتقد الفاعل سنيته فلا حرج عليه في ذلك، ولتنظر الفتوى رقم: 309895.

رابعا: لم تذكر عن هذا الإمام ما يوجب كراهته حتى يكون داخلا في الوعيد في من أمّ قوما وهم له كارهون، فإن ذلك مقيد بأن يكرهوه بحق، وخالف في هذا بعض أهل العلم ورأى أن ظاهر الحديث يقتضي كراهة أن يؤم هذا الشخص سواء كرهه المأمومون بحق أو باطل، ولعل الأول أظهر، وانظر الفتوى رقم: 265918.

خامسا: قد أنكرت من فعل هذا الإمام بعض ما هو مسنون كإطالة الجلسة بين السجدتين، وأما إطالة التشهد الأول فليس من السنة، وعلى كل فكل هذه أمور يسيرة يمكن تلافيها بالمناصحة، ونحثكم على ائتلاف القلوب، وجمع الكلمة، وعدم شق الصف، وتفريق الكلمة؛ فإن هذا من أعظم المقاصد التي شرعت لها الجماعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني