الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى الشارع، وما يشترط للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

السؤال

في الفتوى رقم: 36372، ذكر أن كونه مما علم نهي الشارع عنه ـ وذكر أيضا: أن لا يكون من المسائل المختلف فيها اختلافًا معتبرًا سائغًا ـ فما معنى الشارع؟ وكيف يعرف الشخص أن هذا المنكر مما نهى الشارع عنه؟ وكيف يعرف هل الاختلاف سائغ أم لا؟ لأن العامي يسأل من يثق بعلمه أو يقلد عالما، فكيف له أن يعرف هذه الأمور؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 106971، أن كلمة الشارع تطلق على الله عز وجل وعلى رسوله المبلغ عنه شرعه.

وقد استعمل هذه الكلمة في حق النبي صلى الله عليه وسلم غير واحد من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في عدة مواضع من كتبه منها على سبيل المثال ما جاء في مجموع الفتاوى: وَالشَّارِعُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْفِي الْإِيمَانَ عَن الْعَبْدِ لِتَرْكِ مُسْتَحَبٍّ لَكِنْ لِتَرْكِ وَاجِبٍ. انتهى.

وكذلك استعملها ابن الجوزي وابن القيم وغيرهما.

وقد ذكر أهل العلم أنه يشترط لمن ينهى عن المنكر أن يكون عالما بما ينهى عنه، ولمن يأمر بالمعروف أن يكون عالما بما يأمر به، قال الخرشي ـ رحمه الله ـ في شرح المختصر: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفاية بشروط: أن يكون الآمر عالمًا بالمعروف والمنكر، لئلا ينهى عن معروف يعتقد أنه منكر، أو يأمر بمنكر يعتقد أنه معروف... انتهى.
ولا يعرف شيء من الأشياء أنه منكر يجب إنكاره إلا عن طريق الشرع، فلذا يجب أن يعلم الآمر والناهي حكم المسألة بسؤال أهل العلم إن لم يستطع النظر في الأدلة وكتب أهل العلم.

واعلمي أن مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليست على درجة واحدة من حيث ظهور معرفتها وخفائها على الناس، ولهذا العامي في المسائل الخفية والدقيقة لا ينكر فيها ويتركها للعلماء، قال أبو حامد الغزالي رحمه الله: العامي ينبغي له أن لا يحتسب إلا في الجليات المعلومة كشرب الخمر، والزنا، وترك الصلاة، فأما ما يعلم كونه معصية بالإضافة إلى ما يطيف به من الأفعال، ويفتقر فيه إلى اجتهاد فالعامي إن خاض فيه كان ما يفسده أكثر مما يصلحه. انتهى.

ولمعرفة الخلاف السائغ المعتبر، والخلاف غير السائغ يرجى مراجعة الفتوى رقم: 233125، وما أحيل فيها من فتاوى.
واعلمي أن الواجب على العامي إذا اختلفت عليه أقوال العلماء أن يقلد من يثق به منهم في علمه ودينه، سواء كان في قوله التشديد أو التيسير، كما في الفتوى رقم: 120640.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني