الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قتل القرود لأخذ حصوات في بطونها تدخل في صناعة بعض الأدوية

السؤال

معي صديق تاجر، كثير اﻷسفار للتجارة إلى شرق آسيا، وإفريقيا، وأوروبا. زارني في منزلي قبل أيام، وأخبرني أنه يعرف تاجرا صينيا يطلب منه شراء حصوات تكون في بطن القرود، تستخدم في صناعة بعض اﻷدوية في الصين، وتوجد هذه الحصاة في بطن أغلب القرود.
فهل يجوز قتل القرود لاستخراج هذه الحصاة، وهي تباع بالجرام، بثمن مرتفع؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد وقع الخلاف في حكم أكل القرد، وبيعه، وجمهور العلماء على حرمة ذلك، وبه قطع بعضهم، وحكى عليه الاتفاق.

قال ابن عبد البر في (التمهيد): لا أعلم بين علماء المسلمين خلافا، أن القرد لا يؤكل، ولا يجوز بيعه؛ لأنه مما لا منفعة فيه. وما علمنا أحدا أرخص في أكله ... وما يحتاج القرد ومثله أن ينهى عنه؛ لأنه ينهى عن نفسه بزجر الطباع، والنفوس لنا عنه، ولم يبلغنا عن العرب، ولا عن غيرهم أكله. اهـ.

وراجع الفتوى رقم: 97590.

كما وقع الخلاف في نجاسته.

جاء في (الموسوعة الفقهية): ذهب الحنفية إلى نجاسة سباع البهائم كالأسد، والفهد، والذئب، والنمر، والقرد. اهـ.
وكذلك سائر سباع البهائم، إلا السنور وما دونه في الخلقة، عند الحنابلة.
وبناء على هذه المسائل، يكون حكم التداوي بشيء يستخرج من بطن القرد، فمع الحكم بنجاسته، وحرمة أكله، وبيعه، فالراجح أنه لا يجوز التداوي به إلا في حال الضرورة، وعدم وجود ما يقوم مقامه من الأدوية المباحة. وراجع الفتويين: 6104، 62486. وهذا إذا ثبت نفعه في الطب، بطريقة معتبرة.

وإذا لم يجز التداوي بشيء مأخوذ من القرود، فلا تقتل إلا إذا كانت مؤذية.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب عن قتلها؟

فقال: إذا كانت هذه القرود مؤذية، فإنه يسن قتلها؛ لأن كل مؤذٍ لبني آدم، فإن المشروع قتله، أما إذا كانت غير مؤذية، فإنه لا يتعرض لها، بل يدعها. لكن لو تعرض لها وهي غير مؤذية، فليس عليه كفارة، وأما الإثم، فلا أعلم في ذلك شيئاً. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني