الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ينبغي على الزوجة أن تحسن عشرة زوجها لعظم حقه عليها

السؤال

ما حكم الزوجة التي تفضّل كرامة ومصلحة أهلها على زوجها؛ بحجة أن هذا من بر الوالدين بالنسبة لها؟ مع أن الزوج لا يحاول أن يقترب من أهلها في أي شيء، ولكنها تحاول دائمًا أن تقربه منهم، حتى لو كان على حساب كرامته، وإذا قام الزوج بتطليقها، فهل عليه ذنب في ذلك، مع وجود أولاد؛ لأن الموضوع أصبح يمس الكرامة الشخصية، وعندما يبدأ بينهم الشجار، فهي سريعة الغضب، والخطأ في حق زوجها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيجب على الزوجة أن تحسن عشرة زوجها؛ لعظم حقه عليها، قال الله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ [النساء:34]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد؛ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه أبو داود، والترمذي.

وحق الزوج على زوجته أعظم من حق والديها عليها، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أعظم حقًّا على المرأة؟ قال: "زوجها... رواه النسائي في الكبرى، والحاكم في مستدركه.

فلا يجوز للزوجة أن تقدم حق والديها على حق زوجها عند التعارض، وتقديم حقهما حينئذ، ليس من البر بهما؛ لأنه معصية لله، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن امرأة تزوجت، وخرجت عن حكم والديها، فأيهما أفضل: برها لوالديها، أو مطاوعة زوجها؟

فأجاب: الحمدُ لله رب العالمين، المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب، قال الله تعالى: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة، إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها، حفظتك في نفسها، ومالك.

واعلم أنه ينبغي للزوج أن يحسن إلى أهل زوجته؛ لأن ذلك من إحسان عشرته لزوجته، وقد قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة: 228]؛ ولذا فإننا ننصح هذا الزوج بأن يعامل أهل زوجته معاملة حسنة، وأن يعفو عما يقع منهم من الهفوات، أو منها، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا. رواه مسلم.

وننصحه كذلك بأن يدفع بالتي هي أحسن، كما قال الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ [المؤمنون:96]، وقال جل وعلا: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت:34].

ولا يتعجل بالطلاق، ما دام يوجد للمشكلة حل؛ إذ المفاسد المترتبة على وقوع الطلاق من غير حاجة أكثر من أن تحصى، لا سيما عند وجود الأولاد.

وننصح الزوجة بأن تعرف حق زوجها وأن تحسن عشرته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت. وراجع للأهمية الفتاوى: 6939، 29957، 9218.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني