الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تمثيل هيئة الصلاة دون الإتيان بأفعالها

السؤال

عندما أريد الذهاب للمدرسة تقول لي أمي صل في الصالة قبل أن يخرج الوقت، وهناك مكان نجس، ولست متأكدا من نجاسته، وإنما هي وسوسة، لأنهم وضعوا ثياب بنت أختي الصغيرة التي أصابها البول، فأقوم بتمثيل أفعال الصلاة دون قراءة ودون تكبير ودون نية، وعندما أذهب إلى مكان آخر أعيد صلاتي هناك، وقد يكون الوقت قد خرج، ولكنني أنوي بها الفجر حتى وإن خرج الوقت، ولا أنوي الفجر قضاء وإنما أنوي فقط صلاة الفجر، فهل يجوز لي الاستمرار على هذا الفعل بحكم وسوستي؟ وهل تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها والاستمرار على ذلك يعد كفرا؟ وقد قرأت قولا أن تعمد ترك الصلاة حتى يخرج وقتها يعد كفرا، وقول آخر أنه ليس بكفر، فهل يجوز لي الأخذ بقول من يقول بعدم الكفر بحكم وسوستي؟ وهل نية الفجر وحدها إذا خرج الوقت تكون صحيحة؟ أم يجب أن أنوي الفجر قضاء؟ وهل الاستمرار على هذا الفعل يعد كفرا أم لا؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك تمثيل أفعال الصلاة استرسالا مع الوساوس، جاء في فتح الباري لابن رجب في توجيه قول مَالِك بْن الحُوَيْرِثِ: إِنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلاَةَ ـ يقول ابن رجب: ولا يصح حمل كلامه عَلَى ظاهره، وأنه لَمْ ينو الصلاة بالكلية، بل كَانَ يقوم ويقعد ويركع ويسجد، وَهُوَ لا يريد الصلاة، فإن هَذَا لا يجوز، وإنما يجوز مثل ذَلِكَ فِي الحج، يجوز أن يكون الَّذِي يقف بالناس ويدفع بهم غير محرم، ولا مريداً للحج بالكلية، لكنه يكره، قَالَ أصحابنا وغيرهم من الفقهاء فِي الأحكام السلطانية: لأن الوقوف والدفع يجوز للمحرم وغيره، بخلاف القيام والركوع والسجود، فإنه لا يجوز إلا فِي الصلاة بشروطها. انتهى.

وعليك أن تجاهد هذه الوساوس وألا تسترسل معها، فإن الاسترسال مع الوساوس يفضي إلى شر عظيم، ولا أدل على ذلك مما أوقعك فيه الوسواس من تأخير الصلاة وإخراجها عن وقتها وتعريضك نفسك للعقوبة العظيمة والوعيد الشديد، وتارك الصلاة ومخرجها عن وقتها وإن لم يكن كافرا في مذهب الجمهور إلا أنه مرتكب لذنب عظيم وجرم جسيم، وانظر الفتوى رقم: 130853.

فعليك أن تقلع عن هذا الفعل وأن تصلي في أي مكان لا تعلم نجاسته، وإذا شككت في نجاسة موضع معين فالأصل طهارته، فلا تلتفت إلى هذا الشك، وسائر أسئلتك التي طرحتها في هذا السؤال وغيره ناشئة عن الوسوسة الشديدة التي أصابتك والتي لا علاج لها سوى تجاهلها والإعراض عنها، واستمرارك على تمثيل أفعال الصلاة لا يعد كفرا ولكنه خطأ عظيم واسترسال منك مع الوساوس المهلكة، ولا تجب نية القضاء إذا صليت صلاة قضاء، ولكن ليس لك أن تتعمد إخراج الصلاة عن وقتها بغير عذر، فاتق الله وتجاهل هذه الوساوس واطرحها عنك حتى يعافيك الله تعالى منها، نسأل الله لك الشفاء والعافية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني