الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الزيادة في الأذكار المأثورة أحيانًا بدعة؟

السؤال

أريد أن أسأل سؤالًا عن البدعة، وفي بعض المرات يفعل أخي هذا الفعل.
إن ذكرت أذكارًا معينة لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أذكار وردت في الشرع مرة واحدة، أو مرتين، فهل يكون ذلك بدعة؟ فلو تعوذت بالله من الشيطان الرجيم عند التسمية على الأكل، أو زدت ذكر (سبحان الله) مع التسمية مرة واحدة، فهل قد أكون ابتدعت في الدين، أم البدعة في اعتقاد أفضليتها، أو تكريرها عدة مرات؟ فأخي في بعض المرات يقول ذكرًا معينًا مع التسمية في الأكل، وأعرف قولًا للشاطبي: إن قول ذكر معين، أو التعبد بعبادة معينة في وقت معين، لم يرد به الشرع، بدعة، فهل أخي إن قالها مرة واحدة، أو مرتين مثلًا، ولم يعتقد أفضليتها، ولم يكررها دائمًا ويتخذها عادة، فهل يكون هنا قد ابتدع في الدين؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الأكمل والأحسن هو الاقتصار على الذكر المعين الوارد في الشرع.

وأما الزيادة عليه: فإن كانت دون اعتقاد أفضلية الزيادة، أو سنيتها، ولم تكن الزيادة على وجه الاعتياد والدوام، فهي ليست بدعة، قال ابن عثيمين: الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم كاملة من كل وجه، فإذا كان المشروع للعاطس أن يقول: الحمد لله فقط، فليقتصر الإنسان عليها، فإذا زاد عليها نظرنا: إن كان يرى أن الزيادة عليها أفضل، فهذا مبتدع، وإن كان يرى أن هذه الزيادة من باب الجائز، ويفعلها أحيانًا، فهذه ليست ببدعة، لكن الأولى المحافظة على ما جاءت به الشريعة من الأذكار سواء في أذكار السلام، أو العطاس، أو غير ذلك، فإنه أفضل، وأولى، وأكمل. اهـ. من لقاء الباب المفتوح.

والقاعدة العامة في باب البدع هو التفريق فيما هو مشروع الجنس -كالأذكار- بين ما يفعل أحيانًا، وبين ما يتخذ ديمة وعادة، قال ابن تيمية: وأصل هذا: أن العبادات المشروعة التي تتكرر بتكرر الأوقات، حتى تصير سننًا ومواسم، قد شرع الله منها ما فيه كفاية العباد، فإذا أحدث اجتماع زائد على هذه الاجتماعات معتاد، كان ذلك مضاهاة لما شرعه الله وسنه، بخلاف ما يفعله الرجل وحده، أو الجماعة المخصوصة أحيانًا، فكما أن تطوع الصلاة فرادى، وجماعة مشروع، من غير أن يتخذ جماعة عامة متكررة، تشبه المشروع من الجمعة، والعيدين، والصلوات الخمس، فكذلك تطوع القراءة والذكر، والدعاء، جماعة وفرادى، وتطوع قصد بعض المشاهد، ونحو ذلك، كله من نوع واحد، يفرق بين الكثير الظاهر منه، والقليل الخفي، والمعتاد وغير المعتاد، وكذلك كل ما كان مشروع الجنس، لكن البدعة اتخاذه عادة لازمة، حتى يصير كأنه واجب. اهـ. باختصار من اقتضاء الصراط المستقيم.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 45233، والفتوى رقم: 115538.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني