الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أحكام من يتعاطى المخدرات كمن يشرب الخمر؟

السؤال

هل تأخذ المخدرات حكم الخمر نفسه في أن متعاطيها لا يدخل الجنة يوم القيامة ولا يشرب الخمر في الآخرة؟ أم أن المخدرات ليست كالخمر في الحكم والحرمان من الجنة والخمر في الحياة الآخرة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الخمر كل ما خامر العقل، كما ثبت في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما، فالمخدرات يصدق عليها تعريف الخمر بهذا الاعتبار.. وتعاطيها محرم قطعاً، لما فيها من الإسكار وإذهاب العقل، ولما لها من الأثر العظيم على فساد الدنيا والدين, جاء في فتح الباري لابن حجر: واستدل بمطلق قوله: كل مسكر حرام ـ على تحريم ما يسكر ولو لم يكن شرابا، فيدخل في ذلك الحشيشة وغيرها، وقد جزم النووي وغيره بأنها مسكرة، وجزم آخرون بأنها مخدرة، وهو مكابرة، لأنها تحدث بالمشاهدة ما يحدث الخمر من الطرب والنشأة والمداومة عليها والانهماك فيها، وعلى تقدير تسليم أنها ليست بمسكرة فقد ثبت في أبي داود النهي عن كل مسكر ومفتر وهو بالفاء، والله أعلم. انتهى.

وفي كتاب السياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية: والحشيشة المصنوعة من ورق العنب حرام أيضا يجلد صاحبها كما يجلد شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج حتى يصير في الرجل تخنث ودياثة وغير ذلك من الفساد، والخمر أخبث من جهة أنها تفضي إلى المخاصمة والمقاتلة، وكلاهما يصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة. انتهى.

وفي فتاوى الشيخ ابن جبرين: وقد انتشر في هذا الزمان تعاطي المخدرات، ولا شك أنها أشد وأعظم من الخمر، فهي أشد حرمة من الخمر، وإذا كان هذا الوعيد الشديد في من شرب الخمر، فكيف بمن يتعاطى المخدرات؟ بل كيف بمن أدمن عليها؟!. انتهى.

وقد ثبت أن شارب الخمر في الدنيا لا يشربها في الآخرة إذا مات قبل التوبة, ففي الصحيحين, واللفظ للبخاري: من شرب الخمر في الدنيا، ثم لم يتب منها، حرمها في الآخرة.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري تعليقا على هذا الحديث: وفيه أن الوعيد يتناول من شرب الخمر وإن لم يحصل له السكر، لأنه رتب الوعيد في الحديث على مجرد الشرب من غير قيد، وهو مجمع عليه في الخمر المتخذ من عصير العنب، وكذا فيما يسكر من غيرها، وأما ما لا يسكر من غيرها، فالأمر فيه كذلك عند الجمهور، كما سيأتي بيانه. انتهى.

وبناء على ما سبق, فإن المخدرات ينطبق عليها حكم الخمر في التحريم, وأن من تناولها في الدنيا حرم من الخمر في الجنة، وللمزيد عن دخول شارب الخمرالجنة, وحرمانه من شرب الخمر فيها راجع الفتوى رقم: 246313.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني