الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من أنكر حديثا لظنه أنه مخالف لنصوص قرآنية أو أحاديث متواترة

السؤال

أنا صاحب الفتوى رقم:2608505 في الحقيقة ما زال السؤال مطروحا، حيث إن الإشكالية ما زالت موجودة.
فكيف يحكم الله لتلك المرأة المخصوصة الوائدة، أمّ الرجلين بالنار، وهي هلكت في الجاهلية، أي لم يبلغها الإسلام، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل للرجلين، إن أمكما ستمتحن يوم القيامة، وستكفر؛ فتلقى في النار!
علمائي الأفاضل: بما أن عمر -رضي الله عنه- كان يتثبت من الأحاديث، وبما أن عائشة -رضي الله عنها- أنكرت حديثا يبدو لها أنه مخالف للقرآن، وهو أن الميت يعذب ببكاء أهله، حيث قام العلماء بالرد على إشكال أمنا عائشة، لكن مع ذلك لم يقل أحد بكفرها!
فهل لو أنكرت حديثا، يظهر لي أنه مناقض للإسلام، كهذا الحديث وغيره أكفر؟ حيث إن الأصل أن الأحاديث الصحيحة يجوز الطعن فيها لمن استند على مبرر شرعي من علم الأحاديث، وفق أصول الحديث، وليس وفق الهوى، وذلك يعني أنها ليست في الأصل قطعية مائة بالمائة؛ لأن هنالك مجالا لنقضها، كما فعل الألباني، والطبراني، أو القرطبي. لا أذكر من انتقد مائة حديث من الصحيحين.
والحكم بتكفير شخص شيء خطير. هذا كان سؤالي الثاني.
بوركتم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنه قد سبق لنا الكلام على حديث الوائدة، بما يكفي، في الفتوى رقم: 134138، والفتوى رقم: 95797

وقد ذكرنا في جوابنا على سؤالك، المذكور في الفتوى رقم: 321262، أن الحديث خاص بالوائدة والموءودة المذكورين فيه وليس عاما.

واعلم أن الأصل هو منع إنكار الحديث بعد ثبوت سنده، ومن رده من دون استناد لدليل معتبر، فيخشى عليه من الكفر.

قال الإمام إسحاق بن راهويه: من بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر يقر بصحته، ثم رده بغير تقية، فهو كافر. اهـ.

وقال السيوطي في كتابه: "مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة": فاعلموا -رحمكم الله- أن من أنكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولا كان أو فعلا بشرطه المعروف في الأصول حجة، كفر، وخرج عن دائرة الإسلام، وحشر مع اليهود والنصارى، أو من شاء من فرق الكفرة. اهـ.

وقال العلامة ابن الوزير في كتابه: "العواصم والقواصم": إن التكذيب لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع العلم أنه حديثه، كفر صريح. اهـ

ولا يكفر من رد حجية حديث يرى أنه مخالف لما هو أثبت منه من نصوص القرآن، وما تواتر في السنة، ولكنه ينبغي الأدب مع السنة، فيبحث طالب العلم عن ثبوت الحديث وسنده، والتوفيق بينه وبين ما يعارضه.

وأما قياسه نفسه على العلماء المحققين، أو الصحابة الكرام كعمر وعائشة -رضي الله عنهما- فهذا قياس مع الفارق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني