الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الجمع بين الصلاة والسلام على رسول الله والصيغة الأكمل في ذلك

السؤال

إن الله أمر بوجوب اقتران الصلاة والسلام معا والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم علمنا كيفية الصلاة عليه ـ الصلاة الإبراهيمية ـ لكونها الأفضل، أما السلام: فهو في التشهد، فما هي الصيغة الأكمل للصلاة والسلام عليه معا؟ فالصيغة الإبراهيمية لا تشتمل على السلام عليه فهل يجوز إضافة السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته قبل أو بعد الصيغة الإبراهيمية؟.
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن ذكر الصلاة مع السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في آية واحدة لا يلزم منه وجوب الجمع بينهما، ولا يدل على ذلك، وإنما يدل على استحباب الجمع بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ لِلَّهِ مَلاَئِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ، يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِى السَّلاَمَ. رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير.

والصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ كانوا يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم دون الصلاة عليه، ويعلمون الكيفية التي يسلمون بها عليه، وقد علمهم النبي ذلك قبل نزول الأمر بالصلاة عليه، فلما نزلت الآية سألوه عن كيفية الصلاة عليه فأجابهم بقوله: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ. رواه مالك في الموطأ وغيره.

والسلام الذي عَلِموا أو عُلِّموا قبل ذلك هو السلام الذي في التشهد، جاء في كتاب: التَّحبير للصنعاني: والسلام كما قد علمتم ـ قال البيهقي: فيه إشارة إلى السلام الذي في التشهد، وهو قوله: السلام عليك أيها النبي الكريم ورحمة الله وبركاته ـ وتفسير السلام بذلك هو الظاهر.

وجاء شرح سنن النسائي لمحمد الإثيوبي: إفراد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أو إفراد السلام جائزان بلا كراهة، لحديث الباب، وغيره.. كحديث: أُمرنا أن نصلي عليك، ونسلّم، أما السلام فقد عرفناه... الحديث، وكقوله صلى الله عليه وسلم: والسلام كما قد عُلِّمتم، فقد صرّح بكون تعليم السلام تقدم على تعليم الصلاة، فأُفرد التسليم مدّةً في التشهّد قبل الصلاة عليه، فدلّ على جواز إفراد أحدهما عن الآخر، وأما الاقتران في الآية: فلا يدلّ على أكثر من استحباب الجمع بينهما.

وأما الصيغة الأكمل: فهي الجمع بين الصلاة والسلام، ويحصل الفضل بأي كيفية كانت كأن نقول مثلا: اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله، أو اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم... جاء في شرح مشكاة المصابيح للمباركفوري: فإذا قال القائل: اللهم صل وسلم على محمد، فقد امتثل الأمر القرآني.

والأمر في ذلك واسع ـ إن شاء الله تعالى ـ فبأي صيغة جاءت الصلاة والسلام صحت وقبلت إن شاء الله، وإن كان ما ثبت في الآثار أولى وأعظم أجراً، وانظر الفتوى رقم: 5733.

وكون الصلاة الإبراهيمية ليس فيها السلام، لأن السلام كان معروفا عند الصحابة قبل الأمر بالصلاة كما أشرنا.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني