الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما المقصود بالصلاة في حديث: "من صلى مع الإمام حتى ينصرف.."؟

السؤال

في مساجدنا يصلي الإمام بعد العشاء 8 ركعات ـ التراويح ـ وفي العشر الأواخر يصلي ثماني ركعات، ثم بعد منتصف الليل يصلي إحدى عشرة ركعة أخرى ـ قيام الليل ـ وهنا مسائل:1ـ حديث عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزد على إحدى عشرة ركعة، وهذا سيصلي تسعة عشر ركعة، وفعل الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل، ويُخشى على من خالفه فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.2ـ حديث من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، فأي ليلة تحسب؟ الصلاة الأولى أم الثانية أم لا بد من كليهما؟ أم تكفي الأولى؟ وهل تحسب له قيام ليلة أم ليلتين؟3ـ لو صلى رجل 8 ركعات ثم أراد أن يصلي الوتر في بيته، فهل يكون تاركًا لصلاة الجماعة مع الإمام؟ أم لا حرج في ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤالك عدة مسائل, وستكون الإجابة في النقاط التالية:

1ـ صلاة التهجد آخر الليل بعد صلاة التراويح هو ما يسمى بالتعقيب, وأكثر الفقهاء على جوازه, وعدم كراهته, كما سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 141589.

2ـ الزيادة في التراويح على إحدى عشرة ركعة مشروع, وليس ببدعة, وراجع تفصيل كلام أهل العلم في هذه المسألة وذلك في الفتوى رقم: 54790.

3ـ حديث: من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ـ يقصد به الاقتداء بالإمام حتى ينصرف من صلاة التراويح, جاء في فيض القدير للمناوى: إن الرجل إذا صلى مع الإمام ـ أي اقتدى به، واستمر حتى ينصرف من صلاته كتب، وفي رواية: حسب له قيام ليلة، قال في الفردوس: يعني التراويح ـ ولم يطلع عليه ابن رسلان فبحثه، حيث قال يشبه اختصاص هذا الفضل بقيام رمضان؛ لأنه ذكر الصلاة مع الإمام ثم أتى بحرف يدل على الغاية، فدل على أن هذا الفضل إنما يأتي إذا اجتمعوا في صلوات يقتدى بالإمام فيها، وهذا لا يأتي في الفرائض المؤداة. انتهى.

وفي كتاب مرعاة المفاتيح على مشكاة المصابيح: وقيل: المراد بالصلاة في قوله: إذا صلى مع الإمام، صلاة التراويح، والمعنى: إن الرجل إذا صلى -أي: التراويح- في أول الليل في رمضان مع الإمام حتى ينصرف -أي يفرغ- الإمام من الصلاة ويرجع، حسب له قيام ليلة -أي كاملة- وعلى هذا يكون دليلًا للجمهور على أن صلاة التراويح مع الإمام أفضل من الانفراد. انتهى.

فإذا صليت مع الإمام حتى ينصرف عن ثماني ركعات, فقد أكملت معه التراويح, وحصلت على ثواب الحديث, وإن كان الأفضل أن تصلي معه صلاة القيام ـ التهجد ـ ولكن لا تحصل إلا على ثواب قيام ليلة واحدة, قال الشيخ ابن عثيمين في مجموع الفتاوى: سئل فضيلة الشيخ: بعض الناس في المسجد الحرام يصلون القيام دون التراويح بحجة المحافظة على السنة، وعدم الزيادة على إحدى عشرة ركعة، فما رأي فضيلتكم؟

فأجاب فضيلته بقوله: الذي أرى أنه ينبغي للإنسان أن يحافظ على التراويح والقيام جميعًا، فيصلي مع الإمام الأول حتى ينصرف، ويصلي مع الإمام الثاني حتى ينصرف؛ لأن تعدد الأئمة في مكان واحد يجعل ذلك كأن الإمامين إمام واحد، كأن الثاني ناب عن الأول في الصلاة الأخيرة، فالذي أرى في هذه المسألة أن يحافظ الإنسان على الصلاة مع الأول والثاني؛ ليشمله قول الرسول عليه الصلاة والسلام: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة. انتهى.

4ـ لو صلى الإنسان مع الإمام ثماني ركعات, ثم أراد الوتر في بيته, فلا حرج عليه, ولا يعتبر تاركًا للجماعة, فإن صلاة التهجد نافلة, ولا إثم في تركها، وقد ذكرنا حكم الوتر للمنفرد بعد صلاة التراويح, وذلك في الفتوى رقم: 186273.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني