الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

للزوجة أن تطالب زوجها بمسكن مستقل

السؤال

أنا سيدة متزوجة منذ أربع سنوات، واتفقت مع زوجي قبل الزواج على السكن في شقة منفصلة في منزل والده، لكي أساعد أمه في أعمال المنزل، ولكن منذ أن دخلت البيت وحتى الآن وأنا أعاني من المشاكل مع أم زوجي، حتى إني طلبت الطلاق من زوجي أكثر من مرة كي أستريح وأريحه من المشاكل، وقد تركت المنزل 3 مرات كادت إحداها أن تنتهي بالطلاق، علاوة على أن معي في المنزل إخوان زوجي الذكور البالغون مما يقيد حريتي في كل شيء، والآن أنا أريد أن أعيش في شقة بعيدة عن أهل زوجي حتى أستريح وأتفرغ لزوجي وأولادي. فما رأي الدين فيما أطلب، علماً بأني لم أعد قادرة على الاحتمال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أوجب الله للزوجة على زوجها المسكن والنفقة والكسوة بالمعروف، فإذا كانت أم زوجك تؤذيك بغير حق في مسكنك الحالي في منزل والد زوجك، ولا يستطيع زوجك علاج الأمر والإصلاح بينك وبينها، فلك الحق في أن تطالبيه بمسكن آخر، ينقطع عنك فيه الأذى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك.

ولكن ينبغي أن يكون طلبك لهذا بتعقل وحكمة ومراعاة لظروف الزوج، فربما كان عاجزاً عن توفير غير هذا السكن الحالي، وربما كان انتقاله يسبب قطيعة بينه وبين والديه، وربما كان والداه في حاجة إلى قربه ورعايته، فينبغي لك التأني واستصحاب الصبر، حفاَظاً على حياتكما الزوجية، مما قد يفصم عراها أو يعكر صفوها، واستعيني بالله تعالى ثم بمن يحسن النصح والإصلاح من أهل الخير والصلاح، فوسطيه بينكم، فإن كان الإصلاح بينك وبين أم زوجك ممكناً، عمل على الإصلاح ولو بإغضائك عن بعض الهفوات، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزاً. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح، ولا شك أنك بإكرامك لأم زوجك تكتسبين أجراً عظيماً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم. رواه أبوداود.

وأم زوجك وأبوه داخلان في قوله صلى الله عليه وسلم: ذي الشيبة المسلم.، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: في كل ذي كبد رطبة أجر. متفق عليه. فإذا كان الإحسان إلى الحيوان له أجره وثوابه عند الله، فما بالك بالإحسان إلى الإنسان المسلم، فكيف إذا كان هذا المسلم أم زوجك، وأم زوجك امرأة كغيرها من النساء متى تعامليها بالحب والرفق والحنان والاحترام تملكي قلبها وتحوزي حبها غالباً.

وإن كان الإصلاح غير ممكن، عمل على إقناع زوجك وأهله بأن انتقالك وزوجك إلى مسكن آخر قريب من منزل أهله فيه راحة للجميع، وتجنب لكثير من المشاكل العائلية، وإعانة للزوج على القيام بما أوجب الله عليه من بر والديه وحق زوجته، ومحل هذا إذا كان زوجك قادراً مادياً أن يوفر مسكناً آخر، أما إن كان عاجزاً فتحلي بالصبر وأبشري بحسن العاقبة، كما قال الله تعالى: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]، وقال جل وعلا: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155]، وقال عز من قائل: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10].

وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر.، وقد قيل: الصبر مثل اسمه، مر مذاقه، ولكن عواقبه أحلى من العسل.

ونسأل الله أن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يهدي أم زوجك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني