الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الابن من أبويه الذين يوافقان ابنتهما على المنكرات

السؤال

أنا شاب عمري 21 سنة، أبي وأمي يوافقان أختي على ارتكاب المعاصي، فهم يتركانها تعمل في فندق بدون حجاب، وتتعرف على الشباب وتحدثهم في الهاتف، وتخرج معهم، ومؤخرا اكتشفت أنها سافرت مع أحدهم إلى محافظة أخرى لمدة خمسة أيام وحدهم، وأنا دائما في خلاف مع أبي وأمي بسببها، ولا أعرف ماذا أفعل ؟ فهم يوافقونها على كل شيء ولا يحاسبونها، وحين أحاول منعها من فعل معصية تجعلهم يتشاجرون معي لكي أتركها في حالها، وحين قلت لهم: إني سوف أخبر جدي لكي يمنعهم تشاجروا معي، وهددني أبي بحرماني من المصروف، إذا قلت شيئا لجدي، وأنا دائم الشجار معهم بسبب هذا، ولا أعرف ماذا أفعل ؟ أرجوكم أفيدوني .

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

نشكرك على غيرتك على محارم الله عز وجل، وعلى حرصك على عفة أختك، ومناصحتك لوالديك بخصوص تصرفاتها السيئة هذه - إن ثبت ذلك عنها -، وجزاك الله خيرا، فالنصح للمسلمين مطلوب شرعا كما في الحديث الذي رواه مسلم عن تميم الداري - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « الدين النصيحة » قلنا لمن قال « لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ».

وإن كان والداك يقرانها على هذا الفسق، ويحثانها عليه، فقد أساءا إساءة عظيمة. والذي لا يغار على عرضه ديوث، وقد جاء في شأنه الوعيد الشديد في السنة النبوية، فراجع الفتوى رقم: 56653.

ووالدك هو ولي أمرها، وهي أمانة عنده، يُسأل عنها يوم القيامة، قال الشيخ السعدي في تفسيره: أولادكم -يا معشر الوالدين- عندكم ودائع، قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم، وتؤدبونهم وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله، وملازمة التقوى على الدوام، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ{التحريم:6}، . فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. اهـ.

واحرص على توجيهها بأسلوب حسن مخوفا لها بالله - عز وجل - وأليم عقابه إن أدركها الموت وهي على هذه الحالة، فإن الإيمان إذا حل في القلب سهل الامتثال لأمر الله تبارك وتعالى. وادع الله عز وجل لها بالهداية والتوفيق إلى سبيل الرشاد، فقد توافق ساعة يستجاب لك فيها، فتكون قد تسببت في هدايتها، وذلك خير لك من الدنيا وما فيها، وانظر الفتوى رقم: 37677، وهي عن فضل الدعوة إلى الله.

وإن غلب على الظن أن يتمكن جدك من الإصلاح وتغيير هذا المنكر فأخبره، وليكن ذلك بطريقة لا يعلم بها أبوك حتى لا تغضبه، وحتى لا تتضرر أنت من حرمانه لك مما كان يعطيك، ولا تلزمك طاعة أبيك في عدم إخبار جدك إذا رجوت من إخباره مصلحة راجحة، ولم تترتب عليه مفسدة أعظم، فطاعة الوالدين لها ضوابطها الشرعية، وهي مبينة في الفتوى رقم: 76303.

ويمكنك أن تتخذ حيلة مشروعة بأن تتفق مع جدك على أن يتحين الفرصة التي تمكنه من الاطلاع على شيء من التصرفات الخاطئة لأختك فينكر عليها وعلى أبيك، ويندفع بذلك عنك الحرج .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني