الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأكل باليمين.. أدب أم واجب

السؤال

هل الأكل باليد اليمنى سنة أم واجب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 16952 أن الأكل باليمين من الآداب وليس من الواجبات، وبهذا قال كل من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وذهب ابن حزم وابن عبد البر إلى حرمة الأكل بالشمال، لظاهر الأخبار. حكاه عنهما ابن مفلح في الآداب الشرعية، إلا أن المنصوص عليه في الاستذكار أنه من باب الأدب قال: وأصل النهي أن تنظر إلى ما ورد منه وطرأ على ملكك أو على ما ليس في ملكك، فما كان منه واردا على ملكك فهو يمين آداب وإرشاد واختيار، وما طرأ على غير ملكك فهو على التحريم، وعلى هذا ورد النهي في القرآن والسنة. ثم قال: والاستنجاء باليمين دون الشمال والأكل بالشمال دون اليمين.. فهذا كله وما كان مثله نهي أدب وإرشاد لأنه طرأ على ما في ملك الإنسان، فمن واقع شيئًا من ذلك لم يحرم عليه فعله. اهـ وحكى التاج السبكي عن والده الإمام تقي الدين السبكي أنه اختار تحريم الأكل بالشمال. استدل من أوجب الأكل باليمين بحديث عمر بن أبي سلمة وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال له: وكل بيمينك. والحديث متفق عليه. وبحديث جابر رضي الله عنه عند مسلم وأحمد وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تأكلوا بالشمال، فإن الشيطان يأكل بالشمال. وقال من ذهب إلى وجوب الأكل باليمين وحرمة الأكل بالشمال: في الأحاديث دلالتان تدلان على الوجوب: الأولى: الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم بالأكل باليمين. الثاني: أن في الأكل بالشمال تشبهًا بالشيطان. ورد الجماهير من العلماء على ذلك بما يلي: أما الأمر: فإن الأصوليين ذكروا من صوارف صيغة الأمر عن الوجوب إلى الندب، أن يكون الأمر واردًا في باب الأدب؛ كقوله تعالى: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ[البقرة:237]، ومثَّل له العلماء أيضًا بقوله صلى الله عليه وسلم: كل بيمينك، وكل مما يليك. ولا شك أن الأكل باليمين داخل تحت الأدب. وأما التشبيه بالشيطان فلا يفيد الحرمة، فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن المجلس بين الظل والشمس مجلس الشيطان. رواه أحمد . وأخبرنا صلى الله عليه وسلم في أمر القيلولة بقوله: قيلوا فإن الشيطان لا يقيل. رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني بتعدد طرقه وإن ضعفه غيره. وفي سنن ابن ماجه : وليعط بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ويعطي بشماله. قال المنذري : إسناده صحيح. وصححه المناوي. والجماهير من العلماء على عدم وجوب القيلولة، وعدم وجوب المناولة باليمين، إلى غير ذلك. وأما دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على من أكل بالشمال في الحديث الذي رواه مسلم وغيره عن سلمة بن الأكوع : أن رجلاً أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله! فقال: كل بيمينك. قال: لا أستطيع. قال: لا استطعت، ما منعه إلا الكبر. فقيل في الجواب عنه أجوبة من ذلك: 1- أ ن الرجل منافق، بدليل رده أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كبرًا واستعلاءً. جزم بذلك القاضي عياض. 2- أن الدعاء عليه لمخالفة الحكم الشرعي عمومًا. جزم بذلك الإمام النووي. 3- أن الدعاء عليه لكبره. قال المناوي في فيض القدير: ودعاؤه على الرجل إنما هو لكبره الحامل له على ترك الامتثال، كما هو مبين. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني