الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ملء الأوراق والاستمارات للمسلمين وغيرهم في المسجد

السؤال

أنا مغترب، وأعمل على مساعدة العرب في إكمال أوراقهم، وملئها، في سبيل الله، وأتخذ من مسجد مدينتنا مركزا لهذا العمل.
فيأتي إلي أهل السنة وغيرهم، وحتى غير المسلمين من العرب.
فهل لي أن أستقبلهم في المسجد أم لا؟
وإذا ساعدت غير أهل السنة، وغير المسلمين هل يطبق علي قول الله تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ؟
وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 4041، جواز دخول الكافر جميع المساجد إلا المسجد الحرام، إذا دعت الحاجة لذلك، أو كان في دخوله مصلحة كدعوته إلى الإسلام.
ولا نرى أن إعانة الكفار في إكمال أوراقهم وملئها، من الحاجة التي تجوّز دخولهم المساجد لذلك، خصوصا إذا علمت أن بعض أهل العلم كره كثرة نسخ غير كتب العلم الشرعي في المساجد، فما تقوم به داخل في حكم هذه الكراهة، ولا يختلف الحكم بأن كان المُعانون من المسلمين أهل السنة، أو غيرهم، ويتأكد الحكم في الكفار.

قال الزركشي الشافعي -رحمه الله- في إعلام الساجد بأحكام المساجد: وأطلق الرافعي في باب الاعتكاف، كراهة النسخ في المسجد إذا كثر، وينبغي تقييده بغير نسخ كتب العلم، أما هي، فلا يكره، سواء قلَّ أو كثر، وقد صرح بذلك النووي في شرح المهذب. انتهى.
وأما سؤالك الثاني: فجوابه أن مجرد مساعدة أهل البدع، أو الكفار في مثل هذه الأمور الدنيوية، لا تدخل في موادة من حاد الله ورسوله، وذلك أن الإحسان إلى الكفار غير الحربيين، ولا المساندين لأعداء الدين، لا بأس به، ولا حرج فيه، قال الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8}.
قال ابن كثير رحمه الله: أي لا ينهاكم الله عن الإحسان إلى الكفرة، الذين لا يقاتلونكم في الدين، كالنساء والضعفة منهم (أن تبروهم) أي: تحسنوا إليهم (وتقسطوا إليهم) أي: تعدلوا. اهـ.
وقال السعدي -رحمه الله- في تفسيره: أي: لا ينهاكم الله عن البر والصلة، والمكافأة بالمعروف، والقسط للمشركين، من أقاربكم وغيرهم، حيث كانوا بحال لم ينتصبوا لقتالكم في الدين، والإخراج من دياركم، فليس عليكم جناح أن تصلوهم، فإن صلتهم في هذه الحالة لا محذور فيها، ولا مفسدة. اهـ.

وللفائدة، يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 26104، 166883.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني