الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعامل مع منتسبي الطرق الصوفيه وطرق نصحهم

السؤال

كيف أتعامل مع عمي الدندروي، الصوفي، المصر على عقيدته في الأولياء، والتقرب إلى الله بهم، والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم: الصلاة العظمية على النبي، وهو ذو مقام في جماعته الدندروية، ليس بإمكاني نصحه وتوجيه؛ لأني لست على العلم الكافي لذلك، وعدم تقبله الكلام في هذه الأمور. كل من نصحه، ونصح غيره يسبه.
تربطني به علاقة العمل، نعمل بالتجارة، نعيش في نفس العمارة، مقابر العائلة واحدة، وهنا في مصر قد يدفن مع أبي المتوفى منذ فترة.
إذا قطعت الود وعدم رد السلام، عتب علي، واتهمت بعد الاحترام وهكذا.
هو المسؤول عن المسجد الذي في منطقتنا، ويجمع فلوسا كراتب لإمام المسجد غير المعين من الوزارة، وأنا أدفع له لذلك.
فما حكم هذا، مع العلم أن الإمام لا ينتمي إلى الطريقة الصوفية هذه، وأحسبه عند الله من الصالحين، ولكن إذا وجد بالمسجد من هو يعظم قدره من الدندروية، قدمه الإمام للصلاة، فلا أعلم هل الإمام يجهل أحوال عمي أم لا؟ حيث إنهم منغلقون عن المجتمع بشعائرهم، وليس من السهل فهم أمورهم إلا عند التقرب منهم، والاندماج في أمورهم حفظنا الله.
أنا مما علمته عنه، وتيقنت، علمت أنه مشرك بالله، ظاهره الإسلام أمام العامة، ولكنه في عبادته يشرك بالله، فأقول على أفعاله شرك، وهو بها مشرك.
أرجو إجابة وافية عن كيفية التصرف بما يرضي الله، والحكمة.
وتوضيح جميع الجوانب للتعامل بهذه الأمور.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمجرد انتساب عمك إلى هذه الطريقة، لا يقتضي كونه مشركا، وما ذكرته من التقرب بالأولياء، والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم، كلام مجمل. فمن ذلك ما هو شرك، كأن يصرف العبادة لهم من دون الله، فيدعوهم، أو يذبح لهم، أو ينذر لهم، ونحو ذلك، ومنه ما لا يعد شركا، بل هو ذريعة للشرك كأن يطلب منهم الدعاء، ومنه ما هو مختلف فيه كالتوسل بحقهم، وجاههم ونحو ذلك، وانظر الفتوى رقم: 172463.

وإذا علمت هذا، فليس لك أن تتعجل في الحكم على هذا الرجل بكونه مشركا، فإن هذا خطير جدا، والأصل في المنتسبين إلى الإسلام صحة انتسابهم إليه، وعدم إتيانهم بما يوجب خروجهم منه، فإذا تيقنت يقينا جازما أن عمك يرتكب بعض الشركيات، فالواجب نصحه وتعليمه، ولا يحكم بكفره حتى يتحقق من قيام الحجة عليه.

وبكل حال، فعليك أن تناصح عمك هذا بالرفق واللين، ولا يلزم أن تباشر نصحه بطريق مباشر، بل يمكنك أن تحضر له مطويات، أو كتيبات تتناول ما يقع فيه من المحظورات والبدع، والشركيات -إن وجدت- كما يمكنك أن تستعين على ذلك بأهل العلم في ناحيتك، بحيث يكلمه واحد منهم، ويدعوه إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، فإن استجاب، فالحمد لله، وإن كانت الأخرى، كنت قد أبرأت ذمتك، وأعذرت إلى الله تعالى، ولا حرج عليك في دفع المال لهذا الإمام الذي يصلي بكم، ولا حرج عليك كذلك في التعامل مع عمك المذكور في أمور التجارة ونحوها، لكن إن أصر على ما هو مقيم عليه من المخالفة، وكان في هجره مصلحة يرجى معها استصلاحه وتوبته، فهجره والحال هذه مشروع، وانظر الفتوى رقم: 24369.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني