الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفوه بالسب دون قصد السخرية، وحكم ضرب الزملاء مزاحًا

السؤال

ما حكم السب أو الشتم بغير قصد، كأن يقول الشخص منفعلًا مع الكلام: أنت كاذب أو نصاب، وليس بقصد السخرية، أو الإهانة، بل زلة لسان؟ وهل يدخل هذا في حكم الغيبة؟ وهل يوجب الاعتذار من الشخص الذي قلت له ذلك؟ وهل عليّ أن أعتذر له إذا كنت أعلم أنه لم يأخذ هذا في خاطره، أو أنه لم يحزن مما قلته؟ وهل يجب أيضًا أن أعتذر للشخص الذي دفعته، أو وخزته مازحًا؟ علمًا أننا نفعل ذلك دائمًا، ولا نلقي لهذه الأفعال بالًا؛ لأني أخشى أن يكون لأحد حق عليّ. وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الكلام المنفعل الذي يصف الشخص بالكذب والاحتيال في حضوره، لا يعتبر غيبة، ولكنه محرم إن تعمد صاحبه التفوه به؛ لدخوله في الأذية، والأذية محرمة على كل حال، سواء أكانت في غيبة الشخص، أم كانت في حضوره، فقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}.

وما دام كذلك، فتجب التوبة منه، والتحلل من المظلوم بالاعتذار إليه، وطلب السماح؛ لحديث: من كانت له مظلمة لأحد من عرضه، أو شيء، فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار، ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات، أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. متفق عليه.

ولا عبرة بظنك أنه لم يأخذ هذا في خاطره، أو أنه لم يحزن من الذي قلته؛ لأن كون الشخص صبورًا لا يسقط حقه، ولا يبيح أذيته.

وأما إن قصد مدحًا، أو كلامًا عاديًّا، فزل لسانه، وتفوه بالسوء من غير قصد، فلا مؤاخذة في الخطأ الذي نطق به من غير قصد؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه. أخرجه ابن ماجه.

وأما عن ضرب الزملاء، ووخزهم على سبيل المزاح واللعب، فإن كان بغير رضاهم، فلا يجوز، وإن كان برضاهم، فلا حرج فيه، إن لم يكن فيه ضرر.

وأما الضرر، فلا يجوز؛ لحديث: لا ضرر، ولا ضرار. أخرجه مالك.

ولا يلزمك أن تعتذر لمن مازحته؛ لأن المزاح بين الزملاء لا بأس به، ما لم يكثر، ويتجاوز حد الاعتدال، فقد كان الصحابة يتمازحون، ويضرب بعضهم بعضا بالبطيخ، ففي الأدب المفرد للبخاري: حدثنا صدقة، قال: أخبرنا معتمر، عن حبيب أبي محمد، عن بكر بن عبد الله قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتبادحون بالبطيخ، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال. قال الألباني: صحيح.

قال الخليل: البدح ضربك شيئًا بشيء فيه رخاوة، كما تأخذ بطيخة، فتبدح بها إنسانًا. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني