الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في إخراج الزكاة

السؤال

لدي حيرة في كيفية إخراج الزكاة وفق ذمة المزكي، وهي زكاة قديمة منذ حوالي 20سنة؛ لذلك أرجو إرشادي في الطريق الصحيح، فالأمر فات عليه الكثير والكثير، فمن لديه زكاة متأخرة وأراد إخراجها وفق ذمة المزكي. فما أعرفه: أن زكاة الذمة من أول مرة بلغ فيها النصاب، ثم حال الحول الهجري، ينظر ما يملك من مجموع ماله كله، ويخرج عنه الزكاة، ثم في السنة المقبلة ينظر أيضا ما لديه من أموال، ويخرج زكاته، وإن هلك المال، فلديه مبلغ النصاب في ذمته كل سنة من حين بلوغ النصاب.
وسأضرب مثالا؛ ليتضح قصدي: رجل لديه زكاة قديمة لم يخرجها، وأراد إخراجها وفقا للذمة، وحاول أن يتذكر كم كان يملك كل سنة من أموال بقدر استطاعته، فمثلا كان يملك في سنة 50000، والنصاب 20000، وحال الحول الهجري، سيخرج على مجموع المال كله:50000 ثم في السنة التالية زاد المال وأصبح 70000، سيخرج على ال70000، ثم في السنة التالية قلَّ المال وهلك، وأصبح مثلا1000 فقط، سيخرج على ال20000؛ لأنها في ذمته منذ أول مرة بلغ فيها المال النصاب، حتى وإن أصبح رصيده صفرا، فهو ملتزم بال20000 منذ بلوغها النصاب.
هذا ما أقصده. فهل هذا المثال صحيح؟ وماذا عليه لو شك في سنة من السنين في المبلغ فمثلا: شاك بين ال30000 وال 40000 في سنة. فعلى ماذا يحسب: هل يحسب على الأقل أم الأكثر؟
ووفقكم الله تعالى.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فنُذَكِّرُ ابتداءً بوجوب إخراج الزكاة على الفور، وتحريم تأخيرها من غير عذر مقبول شرعا.

وأما كيفية إخراجها: فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى، اختلاف الفقهاء في الزكاة هل هي متعلقة بعين المال، أم بالذمة؟ وذكرنا ما يترتب على هذا الخلاف، كما في الفتوى رقم: 121528، والفتوى رقم: 4641.

وفي المثال الذي ذكرته، إن كنت تريد إخراج الزكاة بناء على أنها متعلقة بالذمة -كما يُفهمُ من قولك: "إخراج الزكاة وفق ذمة المزكي"- وليس بالعين: فإنه ينظر في أول سنة حال الحول فيها على أول نصاب، فيخرج عن تلك السنة ربع العشر، أي 2.5% ، فلو فرضنا أنه ملك: في أول سنة عشرين ألفا، ولم يخرج زكاتها.
ثم زاد المال في السنة التالية إلى خمسين ألفا، ولم يزكها.
ثم زاد المال في السنة الثالثة إلى سبعين ألفا، ولم يخرج زكاتها.
ثم هلك المال في السنة الرابعة، أو قلَّ عن النصاب.
فإن الواجب عليه في هذه الحال هو أن يخرج عن السنة الأولى: خمسمائة.
وعن السنة الثانية: ألفا ومائتين وخمسين، زكاة الخمسين ألفا كلها، من غير أن يخصم منها الخمسمائة التي أخرجها في السنة السابقة.
وعن السنة الثالثة: يخرج عن كامل السبعين ألفا، فيخرج ألفاً وسبعمائة وخمسين.
وهكذا عن كل سنة، ولو نقص المال في سنة من السنين، أو هلك قبل حولان الحول، فإنه لا يخرج زكاة المال عن تلك السنة فقط، لكن لا يسقط شيء من زكوات السنوات التي قبلها، ولا يخرج زكاة أول سنة عن أول نصاب فقط، بل كل السنوات التالية، فلو فرضنا أن المال نقص إلى ثلاثة آلاف في إحدى السنين، فإنه يخرج زكاة السنة التي قبلها عن كل المبلغ الذي كان موجودا وقتها، وليس عن أول نصاب فقط.
وأما لو شك هل يلزمه زكاة ثلاثين ألفا أم أربعين ألفا؟ فإن الواجب عليه هو إخراج زكاة الثلاثين؛ لأن هذه هي اليقين، وما زاد مشكوك فيه، والأصل براءة الذمة، وانظر الفتوى رقم: 102099.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني