الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مشاهدة أفلام الرسوم المتحركة الكرتونية المتضمنة بعض المفاسد

السؤال

وجدت فتوى في موقع الإسلام اليوم الذي هو مصدر الفتوى الثانية، وكانت كالتالي :
السؤال
فضيلة الشيخ سلمان: قرأت رأي فضيلتكم في جواز أفلام الرسوم المتحركة الهادفة، وكنت أتساءل عن هذه النوعية من الأفلام (الرسوم المتحركة) ولكن الأجنبية منها، حيث إنها تجذب الأطفال بشكل أكبر لجودة وإتقان صناعتها التي تتفوق بشكل ملحوظ – وللأسف - عن مثيلتها من الأفلام العربية، ولكن تحتوي بالطبع في كثير من الأحيان على معان تخالف الإسلام، مثل الحب بين أبطال الفيلم، حتى ولو كانت شخصيات غير آدمية، كما أنها تحتوي على موسيقى وأغانٍ، فما رأي فضيلتكم؟
الجواب:
إذا تضمنت أفلام الرسوم المتحركة الكرتونية ترسيخ معانٍ تخالف الشرع، كالتربية على الحب، وترغيب الأطفال على الأغاني والموسيقى المحرمة، أو على شرب الدخان، أو الحلف بغير الله، أو السرقة ووسائل الإجرام، ونحو ذلك، فإن هذه الأفلام حينئذ غير هادفة، وحرام، لا يجوز استعمالها، ولا صناعتها؛ لأنها أصبحت وسيلة من وسائل الهدم لا البناء، وإن اشتمل الفلم الكرتوني على ما يحمد في الشرع وما ينكر، نُظِر إلى أغلب الأمرين، فإذا غلب فيه الخير على الشر جاز استعماله، وإن كان العكس حرم استعماله؛ لأنه حينئذ غير هادف، وإن كانت نسبة الخير والشر متساوية، ترك من باب الاحتياط، لا من باب التحريم البيّن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" الترمذي(2518)، والنسائي(5711) و"استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك" انظر المشكاة (2774) وقوله – صلى الله عليه وسلم- في حديث النعمان بن بشير –رضي الله عنه-: "الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" البخاري(52)، ومسلم (1599)، وفقنا الله وإياك للعلم النافع، والعمل الصالح. آمين
من قام بالإجابة هو سعادة الأستاذ الدكتور سعود بن عبد الله الفنيسان ، عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقًا.
السؤال: عندما قال في الفتوى: يجوز استعمالها إذا كان الخير يغلب فيه الشر، يعني يجوز دون قطع ما ينكر، كشاب يدخن في كل لقطة، لا أحتاج قطعها، وهو منكر؟ وإذا قارنه باللقطات المخلة، وكلاهما منكر، والمعروف أننا نقطع ما يخل، فلماذا لا نقطع الشخص وهو يدخن؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليس في الفتوى التي نقلها السائل تفريق بين منكر ومنكر، وإنما فيها التفريق بين أفلام الرسوم المتحركة بحسب الغالب عليها، فإن غلب عليها ما يحمد في الشرع جازت، وإن غلب عليها ما ينكر لم تجز، وإن استويا تركت احتياطًا، وقد جاء في فتوى أخرى في الموقع نفسه للدكتور الفنيسان أيضًا، قوله: إنتاجها وبيعها وشراءها ومشاهدتها جائز كله، ما دامت منضبطة بالضوابط الشرعية، كسلامة القصد وصحته، وألاّ تشتمل على عبارات شركية، أو بدعية، أو مخلة بالآداب، والأخلاق الإسلامية. اهـ.

وعلى أية حال؛ فالمفتى به عندنا هو اشتراط الخلو من المحاذير الشرعية، ولا يكتفى بغلبة الخير على الشر.

وقد سبق لنا عرض لمجمل المحاذير والمآخذ التي قد تشتمل على بعضها هذه الأفلام، وهي:

أولًا: أن يكون مضمون الفلم مخلًّا بالشريعة الإسلامية؛ كأن يشتمل على ما يناقض أصول الإسلام وعباداته وأخلاقه وآدابه، من تحقير، أو تخطئة لها، أو تزيين، أو تفضيل لما يخالفها بالقول أو بالفعل والحركة، وكأن يتقمص الممثل شخصيات الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-.

ثانيًا: أن تشارك فيه المرأة متبرجة غير محتشمة، أو تؤدي أدوارًا غير لائقة بها.

ثالثًا: أن يشتمل على الموسيقى صراحة، بحيث تكون مصاحبة للفيلم، وليس للمستخدم خيار في حذفها وإلغائها.

وقلنا: إن هذه المخالفات أدناها يبلغ حد التحريم على الصحيح من مذاهب أهل العلم؛ إذ النصوص متضافرة على تحريم أي منها؛ لما تفضي إليه من فساد المعتقد، وهدم الأخلاق، وكسر حاجز الحياء، واستمراء المحرم والتهوين من شأنه، والاشتغال بالباطل، وإضاعة المال .. ونحو ذلك.

وعليه؛ فأي فيلم اشتمل على شيء من ذلك، فهو محرم، لا يجوز إعداده، ولا الاتجار به، ولا مشاهدته؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، والرضى بالمنكر وإقراره، والغش للنفس والأهل وعموم المسلمين.

وراجع الفتوى رقم: 3127.

وعلى ذلك؛ فلا يجوز إظهار شاب يدخن في فيلم من أفلام الرسوم المتحركة، إلا إذا كان على سبيل بيان مخاطر الشر وتقبيحه، والتحذير والتنفير منه، وليس كذلك إظهار ما سماه السائل باللقطات المخلة؛ لكونها فتنة بذاتها، ولما يترتب عليها من إثارة الشهوات، والتطلع إلى الحرام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني