الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوضوء لا يحتاج لكل هذا التنطع

السؤال

عندي سؤال مهم جدا جدا وهو: ماذا يفعل شخص أصيب بسلس البول والوسوسة الشديدة التي أدت إلى كونه يأخذ ساعتين لغسل الجنابة والاستنجاء، وساعة واحدة للاستنجاء، وعشرين دقيقة للوضوء؟ وذلك للأسباب الآتية (من فضلك جدا جدا صحح جميع الأخطاء التي ذكرت بعد هذه الجملة في ضوء الكتاب والسنة، وعند اختلاف الأقوال اذكر أقواها):
١) في الوضوء: - لا يستطيع أن يفرق بين الزيت الطبيعي والعرق اللذين يمنعان وصول الماء إلى البشرة، وبين اللذين لا يمنعان ذلك، فيدلك جلده حتى يذهب ما عليه بالكلية (وهذا يأخذ وقتا كثيرا عند كل وضوء، وقد سبب الجرح والجفاف في قدميه)، وفي أثناء غسل جزء من اليد يخاف أن الجزء الأول جف وبطلت الموالاة لطول الوقت المأخوذ لغسل الجزء الثاني، فيعيد غسل الأول بسرعة، ثم يغسل الجزء الثاني وهكذا يفعل في جميع أعضائه في وضوئه وغسله. ثم مخافة ازدياد دلكه لإزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة، لا يضع الكريمات والفازلين على قدميه، فتبقيان جافتين ومجروحتين وتزيدان في تلك الحالة بمرور الوقت.
- في الاستنشاق يدلك داخل وما حول أنفه ليزيل ما فيه أو عليه من غشاء حتى يصل الماء إلى البشرة.
- في الوجه - سبحان الله العظيم - هذا أصعب الأعضاء عليه غسلا. أولا: يدلك الحواجب لكي يصل الماء تحتها وعلى كل شعر من شعراتها (شعر الحواجب)، ثم يدلك هدبيه كذلك للسبب المذكور، وفي هذا الفعل ضرر على عينيه، ثم يدلك ما حول الأنف للسبب المذكور، ثم يدلك شاربه، ثم يدلك ظاهر شفتيه، ثم يغسل بقية الوجه، ثم يخلل لحيته وهذا كذلك يأخذ وقتا لأن فيها عقد من شعراتها ويظن أنه يجب عليه حلها حتى يصل الماء إلى كل شعرة من شعرات لحيته والجلد تحتها، فغسل الوجه على هذه الصورة يأخذ خمس إلى عشر دقائق (في الوضوء والغسل)، وهو لا يستطيع أن يفرق بين اللحية الكثيفة واللحية الخفيفة، وعلى أي حال لا بد أن يغسلها في الغسل.
- في غسل اليد يدلك ذراعه وما عليها من شعر ويغسل كفه ويدلك ما على الكف من شعر ويضع كل ظفر من أظفاره تحت الماء ويضغط الجلد الموجود تحت الظفر في جانبيه الداخليين حتى يزيل الزيت الطبيعي والعرق ويصل الماء إلى داخله، ويدلك جانبيه الخارجيين لأن الجلد حول ظفره يكشط أحيانا، ويفعل ذلك لكل إصبع من أصابعه.
- في غسل الرجلين يدلك فوق أصابع قدميه ليصل الماء إلى ما تحت الشعر الخفيف الموجود هناك، ويفعل بكل ظفر من أظفاره ما فعل لظفر يده، ويدلك القدم كثيرا لأن الجلد مقشور هناك، فقد لا يصل الماء تحت الجلد الميت.
ومن فضلك صحح كل خطأ بدليل الكتاب والسنة حتى يطمئن ويتبعه إن شاء الله. وادع له كثيرا، واطلب من غيرك ذلك، فإنه مريض بمرض شديد أدى إلى هذا الإسراف.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بلغ الوسواس من هذا الشخص مبلغا عظيما، ولا علاج له إلا الإعراض عن هذه الوساوس وتجاهلها بالمرة، فعليه أن يتوضأ بصورة عادية طبيعية، فلا يغسل العضو أكثر من ثلاث مرات مهما وسوس له الشيطان بأن الماء لم يصل، والزيت والعرق لا يعدان حائلا يمنع وصول الماء إلى البشرة، وإذا شك في وجود حائل فالأصل عدمه، وله الأخذ بالقول بعدم وجوب الموالاة في الوضوء والغسل، والشعر إذا كان خفيفا كشعر الأهداب والحاجبين الذي ترى البشرة تحته، فإنه يصب الماء عليه، ويوصل إلى ما تحته، ويكفي في حصول الإسباغ أن يغلب على ظنه تعميم العضو بالماء، فمتى حصلت له غلبة الظن بذلك فلا يلتفت إلى أي وسواس، ولا يلزمه غسل باطن أنفه، وإنما يستنشق استنشاقا عاديا، ويستنثر بصورة طبيعية، فعليه إذا توضأ أن يصب الماء على وجهه جميعا ثلاث مرات، فإذا حصلت له غلبة الظن بتعميمه بالماء، فليشرع في غسل يديه إلى المرفقين، ولا يبالي بما يلقيه الشيطان في قلبه من الوساوس، وكذا إذا غسل رجليه فأوهمه الشيطان بوجود جلد ميت أو غير ذلك، فلا يكترث بهذا كله، ولا يزد على ثلاث مرات في الغسل.

نسأل الله له الشفاء والعافية، وليعلم أنه إن لم يعمل بما ذكرنا فسيبقى في هذه المعاناة. ولتنظر الفتوى رقم: 51601، وله الأخذ بأيسر الأقوال رفعا للحرج كما في الفتوى رقم: 181305.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني