الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلاة من كان يمسح على رأسه ثم يغسل يديه إلى المرفقين في الوضوء

السؤال

توضأت، وقدمت عضوا على عضو (غسل الرأس والأذنين، ثم اليدين إلى المرفقين) لمدة 5 سنوات، وذلك بدون علم.
فما الحكم، مع أنني بحثت ووجدت أن أعيد الصلاة. فكيف أعيد صلاة كل السنوات؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحكم الشرعي في الوضوء هو ترتيبه، كما جاء في القرآن والسنة؛ قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6]
فبعد غسل الوجه يأتي غسل اليدين، ثم بعدهما مسح الرأس ومسح الأذنين..

وقد اختلف أهل العلم في هذا الترتيب، فذهب أحمد والشافعي إلى أنه واجب، وذهب المالكية والحنفية وأحمد في رواية عنه، إلى أنه سنة وليس بواجب، وقد نص المالكية على أن من نكس وضوءه -أي: قدم ما حقه التأخير، أو أخر ما حقه التقديم- لا تجب عليه إعادة الصلوات التي صلاها بالوضوء المنكس.

جاء في المدونة عن الإمام مالك: من نَكَّسَ وُضُوءَهُ، فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ وَجْهَهُ، ثُمَّ صَلَّى، قَالَ: صَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ عَنْهُ. اهـ.

والحاصل أن صلاتك بالوضوء المذكور مجزئة عنك، عند الحنفية والمالكية، ورواية عن أحمد كما تقدم، ولا حرج عليك في الأخذ بهذا القول فيما مضى من صلواتك، وعليك أن تراعي الترتيب في ما يستقبل من أمرك. وانظري الفتوى رقم: 159693.

وعلى القول بوجوب الترتيب في الوضوء -وهو مذهب الشافعية والحنابلة- فإن عليك إعادة صلوات المدة المذكورة، والأخذ بهذا القول أحوط، إن استطعته من غير مشقة كبيرة. ولمعرفة كيفية قضائها، انظري الفتوى رقم: 323521. وما أحيل عليه فيها.

هذا، وننبهك إلى أن أول ما يجب على المسلم المكلف أن يتعلم ما يصحح به إيمانه، ويعرف ما تصح به عبادته من طهارة وصلاة وغيرها من الفرائض، فإن فرط في ذلك كان عاصيا.

قال الأخضري المالكي: أَوَّلُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ: تَصْحِيحُ إِيمَانِهِ، ثُمَّ مَعْرِفَةُ مَا يُصْلِحُ بِهِ فَرْضَ عَيْنِهِ؛ كَأَحْكَامِ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالصِّيَامِ.. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني