الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يؤذي الجنُّ الإنسَ إذا استنجوا بالعظم أو ألقوا النجاسات عليه

السؤال

يوجد حديث يحرم الاستنجاء بالعظم والروث؛ لأنهما طعام الجن. هل معنى ذلك أنه لو تم الاستنجاء بهما يحدث المس والأذى من قبل الجن للإنس؟
وماذا عن رمي حفاظ الأطفال النجس، في الحاويات التي تحتوي على بقايا الأكل من العظام. هل هذا لا يجوز؟ ويحدث الأذى من الجن عند وضع هذه الحفاظات النجسة مع العظم؟
أرجو منكم التوضيح.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ثبت النهي عن الاستنجاء بالعظم, والروث, وهذا النهي للتحريم.

يقول المباركفوري في تحفة الأحوذي: وحديث الباب يدل على أنه لا يجوز الاستنجاء بالروث والعظم. والعلة أنهما من طعام الجن: العظام لهم، والروث لدوابهم. انتهى.

والعظم إذا كان من حيوان مذكي, فإنه يعتبر من طعام الجن, كما أن الروث الطاهر علف لدوابهم, فمن استنجي بطعام الجن, أو بعلف دوابهم, فقد تعدّي عليهم, وبالتالي فإنه من الممكن أن يتعرض للأذى منهم, ولا يمكننا الجزم بذلك.

وأما إلقاء الحفاظات المتنجسة مع العظام في القمامة، بحيث تنجس تلك الحفاظات العظام، فلم نجد فيه كلاما لأهل العلم بخصوصه، لكن لا يبعد أن يكون داخلا في النهي عن إفساد طعام الجن.

وقد ذهب كثير من العلماء إلى المنع من التذكية بكل عظم، وعللوا ذلك بما فيه من إفساد طعام الجن لتنجيسه عليهم بدم المذبوح، وهذا الفعل المسؤول عنه لا يبعد إلحاقه بهذا الباب، ومن ثم فينبغي اجتناب هذا الفعل.

قال النووي رحمه الله: وقوله: (أما السن فَعَظْمٌ) مَعْنَاهُ فَلَا يَجُوزُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَجِّسٌ بِالدَّمِ، وَقَدْ نُهِيتُمْ عَنْ تَنْجِيسِ العظام فِي الِاسْتِنْجَاءِ؛ لِكَوْنِهِمَا زَادَ إخْوَانِكُمْ من الجن. انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وقال بعض العلماء ـ ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ: إن الذكاة لا تصح بجميع العظام؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «أما السنُّ فعظم» والتعليل بكونه عظماً معقول المعنى؛ لأن العظم إن كان من ميتة فهو نجس، والنجس لا يصح أن يكون آلة للتطهير والتذكية، وإن كان العظم من مذكاة، فإن الذبح به تنجيس له، والنبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن الاستنجاء بالعظام؛ لأنه ينجِّسه، والعظام زاد إخواننا من الجن؛ لأن الجن لهم كل عظم ذكر اسم الله عليه، يجدونه أوفر ما يكون لحماً، وعليه يكون تعليل عدم جواز التذكية بالعظم، معقول المعنى. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني