الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

توفي أخي منذ خمس سنوات، وعليه بعض الديون، ولكن ورثته (زوجته وأولاده الثلاثة) ينكرون بعضها رغم أنني وإخوتي 2 ذكور وخمس إناث متأكدون من هذه الديون؛ لأن بعضها لنا نحن إخوته الثلاثة الذكور، وإن كنا ترفعنا عن المطالبة بها حتى الآن لأن البعض سامح حياء وبرا، والآخر لم يسامح . المهم أخي المتوفى له ميراث من الوالد عبارة عن أراض زراعية، وأنا أتولى بيعها، وأعطي الجميع حقه حسب الشرع، ومنهم نصيب أخي المتوفى، أسلمه لزوجته كاملا، كل مرة يتم فيها بيع جزء من الأرض. ولكن حدث مؤخرا أن الإخوة والأخوات طلبوا ضرورة سداد الدين؛ لأنهم يرون أحلاما سيئة بأن أخانا المتوفى قلق ويشعر بالضيق الشديد. فاقترحوا جميعا أن أقوم بسداد الديون على دفعات من نصيبه من الدفعات اللاحقة دون علم زوجته، وذلك لتأكدنا من تلك الديون، والتي تعترف الزوجة ببعضها، وتنكر الآخر، ولكنها لم تبد أي نية للسداد، ولو على سبيل جس النبض، أو جبر الخواطر؛ رغم تلميح البعض لها بذلك، وحصولها منا على مبالغ كبيرة؛ لأكثر من 15 دفعة، ولم تبد في مرة واحدة منها نية السداد، أو حتى فتح الموضوع مما أثر في نفوسنا لقاء هذا الجحود تجاه أخينا المتوفى.
فهل هذا جائز؟ مع العلم أنها تترك أمر حساب الميراث لي دون تخوين حتى الآن. وقد يرجع السبب لما تعلمه من تعففنا عن المطالبة بالديون وحبنا واحترامنا لأخينا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن كان من أصحاب تلك الديون لدية بينة على دينه أو أقر له به الورثة، ولم يبرئ الميت منه، ويسقطه عنه، فيلزم الورثة المبادرة إلى سداد ذلك الدين من تركة المتوفى قبل قسمتها، فقد قال تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ{النساء:11}. وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ. رواه أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه.
وأما ما لم تكن لصاحبه عليه بينة، ولا يعلم الورثة صدقه فيما يدعيه، فلا يلزمهم أداؤه إليه لمجرد الدعوى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو يُعطَى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، لكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر. رواه الترمذي والبيهقي وبعضه في الصحيحين، كما قال الإمام النووي.

وعليه؛ فإذا كان لإخوة الميت ديون ثابتة على أخيهم المتوفى، فليطالبوا بها الورثة، فإن لم يستجيبوا لهم، فليرفعوا أمرها إلى المحكمة لتفصل بينهم. أما أن تتسلط أنت على أموالهم، وتتصرف فيها بنحو ما ذكرت متجاوزا ما وكلت عليه فلا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني