الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

توجد سيارات تالفة في الحي الذي نسكن فيه، وقد أخذت قطعة غيار من السيارة، فهل يجوز ذلك؟ وماذا يجب عليّ فعله بالقطعة التي أخذتها: هل أرجعها إلى السيارة أم ماذا؟ وشكرًا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذه السيارات التالفة إن وجدت في أرض مملوكة لأحد، فهي له، وليس لها حكم اللقطة، قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: اللقطة شرعًا: "ما وجد في موضع غير مملوك من مال، أو مختص ضائع من مالكه بسقوط، أو غفلة، ونحوها، لغير حربي، ليس بمحرز، ولا ممتنع بقوته، ولا يعرف الواجد مالكه".

فخرج بغير المملوك ما وجد في أرض مملوكة، فإنه لمالك الأرض إن ادعاه، وإلا فلمن ملك منه، وهكذا حتى ينتهي إلى المحيي، فإن لم يدعه، فحينئذ يكون لقطة. اهـ.

وكذلك الحال إن وجدت في أرض غير مملوكة، ولكن يعرف صاحبها، فتكون بالتالي أموالًا محترمة، لا يجوز أخذها بغير إذن صاحبها، اللهم إلا إن عرف أنه لا يريدها، فأهملها، أو نبذها رغبة عنها؛ فهو عندئذ مال مباح لمن سبق إليه وأخذه، قال ابن قدامة في المغني: كل مباح -مثل الحشيش، والحطب، والثمار المأخوذة من الجبال، وما ينبذه الناس رغبة عنه، أو يضيع منهم مما لا تتبعه النفس- ... من سبق إلى شيء من هذا، فهو أحق به، ولا يحتاج إلى إذن الإمام، ولا إذن غيره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم، فهو أحق به». اهـ. وقال أبو البركات ابن تيمية في المحرر: ويملك بالأخذ ما ينبذه الناس رغبة عنه. اهـ. وقال الحجاوي في الإقناع: وما ينبذه الناس رغبة عنه، ملكه، والملك مقصور فيه على القدر المأخوذ. اهـ.

فإن لم تكن هذه السيارات كذلك، فعلى السائل أن يرد ما أخذ منها، أو يستحل صاحبها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني