الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كم عدة المختلعة؟ وهل يجوز لها السفر أو البقاء مع زوجها في بيته فترة العدة؟

السؤال

أنا أسكن في السعودية، وأريد أن أطلب الخلع من زوجي، وإقامتي بعد الخلع ستكون في تركيا -بإذن الله-، وسؤالي عن العدة بعد الخلع:
1- هل يجب أن أقضيها في السعودية أم من الممكن قضاؤها في تركيا؟ علمًا أنه لا يوجد لي أحد في السعودية، ما عدا زوجي، وولدين صغيرين -ثمانية وأربع سنوات-.
2- وإن كان يجب قضاؤها في السعودية، فهل من الممكن بقائي في البيت مع زوجي أثناء العدة؟
3- وهل العدة تنتهي بأول يوم من الحيض أم بعد الطهر؟ وإن كانت العدة في السعودية، فسيكون من الصعب عليّ حجز بطاقة الطائرة في الوقت المناسب؛ لأن الحيض غير منتظم، ولا أستطيع أن أحدد متى ستنتهي عدتي بالضبط.
4- هل من الممكن أثناء العدة البقاء مع زوجي بنفس البيت؟ وهل عليّ الالتزام بالثياب الشرعية، كأنه أجنبي عني؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فننبه في البدء إلى أنه لا يشرع للمرأة طلب الطلاق من زوجها، أو الخلع إلا لسبب مشروع؛ لورود النهي عن ذلك في السنة الصحيحة، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 37112، ورقم: 29948.

وننصح بالصلح بين الزوجين ما أمكن؛ فالفراق بين الزوجين له آثاره الخطيرة، وخاصة على الأولاد؛ ولذلك ذهب بعض أهل العلم إلى أن الأصل فيه الحظر، قال ابن عابدين - الحنفي - في حاشيته: الطلاق الأصل فيه الحظر، بمعنى: أنه محظور إلا لعارض يبيحه، وهو معنى قولهم: الأصل فيه الحظر، والإباحة للحاجة إلى الخلاص. فإذا كان بلا سبب أصلًا، لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص، بل يكون حمقًا، وسفاهة رأي، ومجرد كفران النعمة، وإخلاص الإيذاء بها، وبأهلها، وأولادها. ولهذا قالوا: إن سببه الحاجة إلى الخلاص عند تباين الأخلاق، وعروض البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى ... فحيث تجرد عن الحاجة المبيحة له شرعًا، يبقى على أصله من الحظر؛ ولهذا قال تعالى: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا} [النساء:34]، أي: لا تطلبوا الفراق. اهـ. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الأصل في الطلاق الحظر، وإنما أبيح منه قدر الحاجة. اهـ.

وإذا وقع الخلع، فمن أحكامه: أنه يجب على المختلعة أن تعتد، وهنالك خلاف بين الفقهاء في قدر عدتها، فمنهم من يقول: إنها كعدة المطلقة ثلاث حيضات، وهم الجمهور، ومنهم من يرى أنها حيضة واحدة، وقول الجمهور هو الذي نفتي به، وانظري الفتوى رقم: 346297، ورقم: 210700.

وهي - أي: المختلعة - كغيرها من المطلقات، يجب عليها أن تلزم بيت الزوجية، وتعتد فيه، على خلاف بين أهل العلم في هذه المسألة، فمنهم من ذهب إلى أن البائن - والمختلعة بائن - تعتد حيث شاءت، كما هو مذهب الحنابلة، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 159461. وقد قيد الحنابلة جواز عدتها حيث شاءت بكونه في بلدها، فمنعوها من السفر، جاء في متن الزاد للحجاوي: وتعتد بائن بمأمون من البلد حيث شاءت، ولا تبيت إلا به، ولا تسافر... اهـ.

ويجوز لها مساكنة زوجها في مسكن واحد، إذا كان متسعًا، بحيث يكون كل منهما في جزء مستقل، وتكون في تعاملها مع زوجها في حكم الأجنبية، فلا تضع حجابها عنده، ولا تمكنه من الخلوة بها، ونحو ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 65103.

وأما السفر: فلا يجوز لها السفر قبل انقضاء عدتها، إلا لضرورة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 65624.

وليس فيما ذكرته الأخت السائلة ضرورة للسفر قبل انقضاء العدة.

ولو قدر أن وجد شيء من الحرج، فيمكنها أن تترخص بقول من ذهب إلى أن المختلعة تعتد بحيضة واحدة، فلا بأس بذلك؛ لأن من العلماء من أجاز الأخذ بالرخصة عند الحاجة، كما بينا في الفتوى رقم: 134759.

والعدة تنتهي بالطهر من الحيضة الثالثة، كما في الفتوى رقم: 132977، وأوضحنا فيها أيضا حكم من لم تكن دورتها منتظمة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني