الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأذكار والأعمال التي تكون سببا لكثرة غراس الجنة وبناء البيوت والقصور

السؤال

بارك الله فيكم. أريد أن أعرف كل الأذكار التي تضمن بناء شيء في الجنة أو زراعة شيء؛ مثل: لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة، وسبحان الله العظيم وبحمده تغرس لك نخلاً في الجنة، وهكذا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمما صح من الأذكار التي تكون سببا لبناء, أوزراعة شيء في الجنة, ما يأتي:

أولا: الباقيات الصالحات, فقد جاء في سنن الترمذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقيتُ إبراهيم ليلة أسري بي فقال: يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. وحسنه الشيخ الألباني. وفي رواية الطبري: وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.

وقد قال صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة لما وجده يغرس غرسا: ألا أدلك على غراس هو خير من هذا؟ تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. يغرس لك بكل كلمة منها شجرة في الجنة. صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع.

وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي: غراسها بكسر الغين المعجمة جمع غرس بالفتح وهو ما يغرس أي يستره تراب الأرض من نحو البذر لينبت بعد ذلك، وإذا كانت تلك التربة طيبة وماؤها عذبا كان الغراس أطيب، لا سيما والغرس الكلمات الطيبات، وهن الباقيات الصالحات، والمعنى أعلمهم بأن هذه الكلمات ونحوها سبب لدخول قائلها الجنة ولكثرة أشجار منزله فيها؛ لأنه كلما كررها نبت له أشجار بعدده. انتهى

ثانيا: من قال سبحان الله وبحمده, أو سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة, أو شجرة في الجنة. وراجع الفتوى رقم: 130600.

ثالثا: صلاة اثنتي عشرة ركعة سبب لبناء بيت في الجنة, ففي صحيح مسلم عن أم حبيبة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا، غير فريضة، إلا بنى الله له بيتا في الجنة، أو إلا بني له بيت في الجنة.

وقد ورد تحديد هذه الركعات فيما رواه الحاكم في المستدرك وسنن النسائي وغيرهما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَاثْنَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ.

رابعا: قراءة سورة الإخلاص عشر مرات سبب لبناء قصر في الجنة، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ قَرَأَ: قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ حَتَّى يَخْتِمَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ، بَنَى اللهُ لَهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِذًا نَسْتَكْثِرَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُ أَكْثَرُ وَأَطْيَبُ. قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة - بعد ذكره لطرق هذا الحديث -: فإذا ضم إلى هذا المرسل الصحيح الموصولان من حديث معاذ وأبي هريرة، تقوى الحديث، وبلغ رتبة الحسن على أقل الدرجات. انتهى

وقد ورد هذا الترغيب أيضا في بعض الأعمال مثل بناء المساجد ابتغاء وجه الله تعالى، ففي صحيح مسلم وغيره عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه أنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ تَعَالَى -قَالَ بُكَيْرٌ [أحد رواة هذا الحديث]: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ- بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني