الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منع الزوج زوجته من إنشاء حساب على الفيسبوك ومخالفتها له

السؤال

أنا امرأة متزوجة منذ ثماني سنوات، ولديّ ثلاثة صبيان، وقبل فترة منعني زوجي من التواصل مع الرجال، وسألني أيضًا إذا كنت قد أنشأت حسابًا على الفيس باسم مستعار، وفي بعض المرات كتبت تعليقات على الفيس لرجال، وقد علم بذلك وغضب، وحذرني من هذا التصرف، ومنذ فترة أحسست أن له علاقة ببعض البنات، وقد كان يدردش معهن، فقمت بإنشاء حساب مستعار للتواصل مع البنات اللواتي يدردش زوجي معهن؛ لأتأكد من نوع العلاقة التي تربطه بهن، وعرف زوجي بالحساب المستعار، فغضب، وقال: إنه فقد الثقة فيّ، وطلقني.
أعلم أنني أخطأت، وانجرفت وراء نفسي السيئة، وقد كنت أعاتب نفسي، ونويت أن أغلق الحساب قبل معرفته، ولكن شاء الله أن يعرف.
أنا أحب زوجي كثيرًا، ومن غيرتي عليه كنت أتصرف دون التفكير في العواقب الوخيمة، فماذا عليَّ أن أفعل ليغفر لي ربي، ويسامحني زوجي؟ وهل يجوز إخفاء الطلاق عن أهلي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فدخول المرأة على حساب الرجال الأجانب من خلال الفيسبوك أو غيره، والتعليق عليها يمكن أن يكون بابًا للفساد، فإذا منع الزوج زوجته من ذلك، وجب عليها طاعته فيه، فالمرأة أمانة عند الرجل، والواجب عليه أن يعمل على ما يصونها من أسباب الفتنة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، وقال سبحانه: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ {النساء:34}، قال السعدي في تفسيره: قوامون عليهن، بإلزامهن بحقوق الله تعالى من المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك. اهـ.

وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته.

وقد أخطأت حين خالفتِه في ذلك، وأخطأت أيضًا حين تجسست عليه، فتجب عليك التوبة، واستسماح زوجك في ذلك، فإن سامحك فذاك، وإلا فأكثري من الدعاء له -عسى الله تبارك وتعالى أن يرضيه عنك يوم القيامة-، وراجعي الفتوى رقم: 29785.

ولا يلزمك إخبار أهلك بما كان من أمر الطلاق.

وإن لم تكن هذه الطلقة الثالثة، فننصح بالسعي في الإصلاح، ورجوعك إلى زوجك، فأخبريه عن رغبتك في ذلك، وأنك ما دفعك إلى ما فعلت إلا الغيرة عليه، وحبك له، وذكريه بخطورة الطلاق على الأولاد، وأنه ربما كان سببًا في ضياعهم. ولا تنسي أن تكثري من الدعاء بأن يجمع الله الشمل، ولا يخيب سبحانه رجاء من دعاه، فهو القائل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني