الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من حاولت التخلص من الجنين بقلة الأكل والمجهود الشديد ومات بعد الولادة بفترة

السؤال

لدى استفسارعن الزنا. لديّ جارة تعرفت على شاب، ووعدها بالزواج، وللأسف تمادى فى العلاقة معها حتى حملت، ورفض الزواج منها، وحاولت التخلص من الحمل بقلة الأكل والمجهود الشديد، ولكن أنجبت في الشهر السابع، ووضعت المولود في المستشفى تحت رعاية الأطباء، ولكن لضعف المولود توفي بعد أسبوعين من الولادة. هي تابت إلى الله، واعترفت بخطئها. هل هي بهذه الحالة قتلت نفسا بريئة؟ وماذا تفعل لتكفر عن ذنبها تجاه هذا الطفل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعلى هذه المرأة أن تعرف عظيم جنايتها، وتتوب إلى الله تعالى مما اقترفته، ثم الظاهر أنه لا تلزمها دية ولا كفارة؛ لكون الولد خرج سليما، ولكونها فعلت ما يسعها من وضعه تحت إشراف الأطباء، ويظهر أن ما فعلته ليس هو السبب في موته بدليل أنه ولد سليما، وعاش مدة بعد ذلك، وشرط الضمان أن يعلم كونها تسببت في موته.

قال ابن قدامة في المغني: إنَّمَا يَجِبُ ضَمَانُهُ إذَا عُلِمَ مَوْتُهُ بِسَبَبِ الضَّرْبَةِ، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِسُقُوطِهِ فِي الْحَالِ وَمَوْتِهِ أَوْ بَقَائِهِ، مُتَأَلِّمًا إلَى أَنْ يَمُوتَ، أَوْ بَقَاءِ أُمِّهِ مُتَأَلِّمَةً إلَى أَنْ تُسْقِطَهُ، فَيُعْلَمَ بِذَلِكَ مَوْتُهُ بِالْجِنَايَةِ، كَمَا لَوْ ضَرَبَ رَجُلًا فَمَاتَ عَقِيبَ ضَرْبِهِ، أَوْ بَقِيَ ضَمِنًا حَتَّى مَاتَ. وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا، فَجَاءَ آخَرُ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فَعَلَى الثَّانِي الْقِصَاصُ إذَا كَانَ عَمْدًا، أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، بَلْ كَانَتْ حَرَكَتُهُ كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، فَالْقَاتِلُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَعَلَى الثَّانِي الْأَدَبُ. وَإِنْ وَقَعَ الْجَنِينُ حَيًّا، ثُمَّ بَقِيَ زَمَنًا سَالِمًا لَا أَلَمَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ الضَّارِبُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ مِنْ جِنَايَتِهِ. انتهى

والحاصل أنه ما لم يتيقن أنه مات بسبب فعلها، فلا ضمان عليها، وهذا هو الظاهر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني