الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مقارنة نظافة بيت الزوجة بغيرهن... المشكلة والعلاج

السؤال

هل يحق للزوج أن يقارن نظافة زوجته في بيتها، بنظافة والدته وأخته كل في بيتها؟
مع العلم أن زوجته بالنسبة لأهلها وإخوتها يشيدون بنظافتها، بل ويثنون عليها بالنسبة لنظافة زوجاتهم.
فهذا الموضوع نسبي، ويختلف من أسرة لأخرى.
فهل لزوجها أن يطالبها بأن تكون مثل أمه أو أخته؟!!! مع أنهما تختلفان عنها في الشخصية.
بل إن أزواجهن بالرغم من رضاهم عن نظافتهن، ونظافة بيوتهن، إلا أنهم يشتكون دائما من معاملتهن لهم، وتقصيرهن في حقهم. وأنا أسمع تلك الشكاوى بنفسي، ويحدث سوء المعاملة هذا أمامي.
في حين أني وبفضل الله، وبشهادة زوجي أحسن معاملته، وأحترمه، ولا أقصر في حقوقه. بل بالعكس ومع كثرة مقارنتي بهن، أصبحت أرغب بأن أكون مثلهن في معاملتهن لأزواجهن، وهو ما أصبح يضايق زوجي ويشتكي من أني تغيرت. وأصبحت أقصر في معاملته بسبب إحساسي بالظلم، وبأنه لا ينظر إلا لعيوبي، ولا يستحسن محاسني.
فأقول لنفسي: ولماذا أهتم به إذا كان لا يقدر ذلك، ولا فرق عنده؟!!
فأنا من أول زواجي جعلت أول همي رضا زوجي، بل وقدمته على نفسي وأبنائي وبيتي.
فهل من العدل أن يطالبني بذلك، ويطالبني أيضا بأن أكون مثل من تهمل زوجها وطلباته، في سبيل نظافة بيتها وطلبات أبنائها؟!!!
وكما قلت فأنا سمعت بنفسي شكوى حماي، من حماتي في معاملتها له. وأيضا شكوى زوج أخت زوجي، من معاملتها له.
أنا دائما ما كنت أقنع نفسي بأنه لا أحد كامل، وأنه بالرغم من عيوب الشخص، إلا أن المولى تعالى وهبه من الصفات ما يعوض هذا النقص.
ولكني الآن أصبحت أقارن زوجي بغيره من الأزواج، كما يفعل هو معي. ومع الوقت أصبحت لا أقتنع به، فهذا يفوقه في الحنان، وآخر يفوقه في العطاء، وغيره يفوقه في الاهتمام بزوجته. وغيره، وغيره.
والله كنت أرضى به وبحياتي معه. أما الآن فلا، وأصبحت أرغم نفسي على حسن معاشرته، فقط لوجه الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أحسنت في كونك أعطيت إرضاء زوجك أهمية، وسعيت في هذا السبيل، وهذا باب من أبواب الخير عظيم، ففي الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض، دخلت الجنة.

فاثبتي على ذلك وداومي عليه، ولا تتركي فرصة للشيطان ليحول بينك وبين هذا المقصد العظيم، أو أن يوقع بينك وبين زوجك، فهو عدو الإنسان، قال تعالى: وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ {البقرة:168}، وهو الحريص على تشتيت الشمل والتفريق بين الأحبة، روى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته - قال- فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت. وجاء هذا الحديث تحت باب: (تحريش الشيطان، وبعثه سراياه لفتنة الناس، وأن مع كل إنسان قرينا).

وكوني على حذر من هذه الهواجس التي أصبحت تنتابك، وأن تفعلي معه مثل ما يفعل معك، فتقارنيه بالآخرين، فهذا قد يكون ذريعة إلى أمور خطيرة لا تحمد عقباها.

ثم إنه على فرض أنك مقصرة في هذا الجانب، فليس من الإنصاف أن يهمل الزوج الجوانب الحميدة، وينظر إلى محل العيوب. وجاء في هذا الخصوص توجيه نبوي كريم، كما في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا، رضي منها آخر.

قال النووي في شرح صحيح مسلم: ينبغي أن لا يبغضها، لأنه إن وجد فيها خلقا يكره، وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق، لكنها دينة، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة به، أو نحو ذلك. اهـ.

وزوجك مأمور شرعا بأن يحسن عشرتك، فيعاملك معاملة حسنة، ويقول حسنا، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.

ومقارنته إياك في النظافة أو في غيرها بوالدته أو أخته في بيتها، ينتقصك بذلك، يتنافى مع المعاشرة بالمعروف، وليس من حقه أن يفعل ذلك.

ونوصيك بالصبر عليه، فعاقبة الصبر خير، وأكثري من الدعاء له أن يرزقه الله رشده وصوابه، فبالصبر والدعاء يكون التوفيق بإذن الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني