الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العاقل يطمح للوصول إلى أعلى درجات البرّ بوالديه

السؤال

إن اقتربت من أبي وأمي، تدخلا في حياتي، وآذياني بالقول والتسلط؛ لذلك أجتنبهم. فإن كنت أنفذ طلباتهما، وأتحدث معهما بلين، ولا أؤذيهما بأي شكل من الأشكال. لكني لا أجلس معهما، ولا أمازحهما. أي إن علاقتنا تقتصر على الحاجات والرسميات، حتى أتجنب الأذية، علما بأني لا أريد أن أكون في أعلى درجات البر، أريد ألا أكون عاصيا لله، ولا عاقا.
فهل أعد عاقا وعاصيا؟ أم فعلي هو الصواب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت، فلست عاقاً لوالديك، ولا عاصياً لربك بترك الانبساط إلى الوالدين، ما دام هذا الانبساط يؤدي إلى مفسدة ظاهرة، وما دمت قائماً بحقهما، مجتنباً لأذيتهما، وراجع الفتوى رقم: 76303
لكن ينبغي عليك أن تطمح إلى الوصول إلى أعلى درجات البرّ بهما، والإحسان إليهما، فهذا لا يستلزم منك أن تضرّ نفسك، أو تحمّلها ما لا تطيق. ولكن ذلك يحصل بالاستعانة بالله تعالى، ومجاهدة النفس، وتحري الإخلاص لله عز وجل، وكل ذلك يسير على من يسرّه الله عليه.

ومما يعينك على الاجتهاد في برهما: أن تستحضر في نفسك منزلة هذا البر في الشرع، وعظيم ثوابه عند الله، وكونه من أعظم أسباب رضوان الله ودخول جناته، فعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.
قال المباركفوري -رحمه الله-: قَالَ الْقَاضِي: أَيْ خَيْرُ الْأَبْوَابِ وَأَعْلَاهَا. وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ، مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني