الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مطالبة الزوجة بما أنفقته أو وهبته لزوجها

السؤال

زوجة عاملة، وكانت تشارك مع زوجها في مصروف المنزل بأن تأخذ راتبه بالكامل، وتضعه على راتبها بالكامل لإدارة البيت بمعرفتها هي، وسافرت ثلاث سفريات. وكان حينما يعترض الزوج تقول له سيأتينا مبلغ جيد من هذا السفر، فيرضى، وحينما تعود من السفر تأخذ فلوسها لها وحدها. اتفق الزوجان على أن يتم شراء أي شيء باسميهما معا، وبالفعل تم شراء سيارة باسميهما.
وعند محاولة شراء منزل وتقسيط ثمنه عن طريق البنك، اشترط البنك أن يكون باسم واحد فقط، حينها أخبرته أنها تخاف أن يتزوج عليها في هذه الشقة التي سيشتريانها لابنهما، وأنه لو مات فإن إخوته سيرثونه. ولأنه يحبها أراد أن يثبت لها ثقته فيها، فوافق على أن تكون باسمه، على أن يتم كتابتها باسميهما مرة أخرى حين الانتهاء من الأقساط البنكية. وتم تأجير الشقة، وكان يتم تقسيم الإيجار بينهما. وبعدها استمرا بهذه الطريقة في الإنفاق، ولكن الزوج قرر أن يأتي بشقة لنفسه، نظرا لكثرة مواقف الزوجة وكلامها الجارح الخاص بالأموال والفلوس. وعندما اشترى شقة باسمه، اعترضت الزوجة؛ لأن الأموال تخصهما معا، وطلبت منه أن يساعدها لتشتري شقة مثلها باسمها هي فقط، بأن تأخذ كل راتبه الشهري، وأي مكافآت تأتي له. وقد كان لها ما طلبت، واشترى لها شقة مثلها تماما بل وبسعر أعلى.
مع ظهور المشاكل بينهما، فكر الزوج أن يتزوج بأخرى، وهنا غضبت الزوجة وبدلا من أن تحاول استرجاع زوجها، بدأت في البحث عن حقوقها، وكتبت كل مبلغ صرفته مقابل ما صرفه هو، وبدأت تطلب منه حقوقها أن لها عنده مبلغ زيادة بعد شراء السيارة باسميهما، وشقتين باسمها، وشقة باسمه، وشقة الزوجية باسميهما، بحجة أنها صرفت أكثر منه؛ لأن راتبها أكثر منه، إلى جانب أنه الرجل ويجب أن يكون الصرف كالآتي: ثلث فقط عليها، وثلثان عليه. رفض الزوج وقال إن بينهما اتفاقا بما تم صرفه، بل هو من له نصف الشقة التي اشترياها لابنهما أصلا، وأنها أصلا كانت مقصرة في بيتها بسبب عملها، وكان يجلس بأبنائه الصغار وهي تسافر.
وحين وصل الأمر إلى هدم البيت وسيتم الطلاق بينهما، وافق الزوج (بدون رضا) حتى لا يتم هدم البيت، وقبل بحسابها لما لها وما عليه، ولم يتزوج بل وظل عدة أشهر يدفع لها مبلغا كدين لها عليه بحسابها الذي حسبته، حتى تسير الحياة ولا يتم هدم البيت. ولأن أبناءه لا ذنب لهم فيما حدث، ولكنه في قرارة نفسه لم يسامحها في حقه حتى الآن.
هل له حق عليها؟ وهل أموالها التي أخذتها منه بدون رضاه حلال أم حرام؟ مع العلم أنه واجهها وأقام عليها الحجة، وقال لها إنه لا يسامحها في أمواله، ولكن فعل ذلك حتى يقابل الله وليس عليه شيء لأحد ولا يهم إن كان له، ولكنه غير مسامح.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده بالمعروف، ولا يجب على الزوجة أن تشاركه الإنفاق، لكن إذا رغبت الزوجة في الخروج للكسب، فلم يأذن لها الزوج إلا بشرط أن تعطيه قدراً من راتبها ورضيت بذلك، فالمفتى به عندنا أنّه يلزمها الوفاء بهذا الشرط، وراجع الفتوى رقم: 291922
وإذا تبرعت الزوجة بإنفاق مالها على زوجها، أو وهبته بعض مالها، فلا حقّ لها في الرجوع في تلك الهبة، أمّا إذا أنفقت عليه أو أعطته مالاً بنية أن ترجع عليه، فلها الرجوع حينئذ، وانظر الفتوى رقم: 334357
وعليه؛ فليس لزوجتك حق في المطالبة بما أنفقته أو وهبته لك من مالها، إلا إذا كانت أعطته ناوية الرجوع عليك.
وما دمت أعطيتها ما أرادت حفاظاً على البيت، واجتناباً لتشتت الأسرة، فنصيحتنا لك أن تطيب نفساً بما أعطيتها، وتحتسب ذلك عند الله، وهو سبحانه يخلف عليك، ويصلح ما بينكما ويبارك لكما فيما رزقكما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني