الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المعاشرة بالمعروف والسماح للزوجة بالسفر لزيارة أمها

السؤال

ما حكم سفر الزوجة بدون محرم، لزيارة أمها؟
السؤال له محاور كثيرة:
المحور الأول: حيث إن زوجها يعمل بالخارج، وأمي موجودة في بلد آخر، تم الاتفاق قبل الزوج، على أن تكون هناك زيارة لوالدتها كل سنة.
المحور الثاني: حيث إن أختي سافرت أول سنة، وأجرت الزيارة المتفق عليها، حاول زوجها عند عودتها أن يعقد اتفاقا آخر معها، وقابلت أختي ذلك بالقبول.
المحور الثالث: حاولت أختي حين كانت حاملا، أن تأخذ إذنه بالنزول لأمي؛ لأنها تحتاج إلى رعاية من أمي، ولكنه رفض، ونفذنا له طلبه بعدم نزولها إلى البلد لأسباب عدة، منها أنه كان يريد أن يرى طفله قبل الجميع، وكذا أمور كثيرة.
المحور الثالث: منذ أن تزوجت أختي، وهي في شبه حبس انفرادي، وهي في الغربة معه فقط، لا تخرج إلا قليلا جدا. وعندما كانت حاملا، كان يجب أن يأخذها في بعض الأوقات للتنزه؛ ليسهل الحمل. وهذا الأمر لم يحدث، لم تستطيع أختي مكالمة أمي، أو مكالمتي، إلا بعد عودة زوجها؛ لأنه قليلا ما يقوم بشحن الهاتف الخاص بها، ولم يقم بعمل اشتراك في الإنترنت. وعندما يعود يقوم بفتح الإنترنت لها من خلال هاتفه.
المحور الرابع: والدتي الآن بناء على الاتفاق الشفوي بيننا وبين أبيه وأمه، تريد أن تسافر أختي لها للزيارة والرجوع مرة أخرى، ولكنه رافض، وأمي تلح، وأختي أيضا تحاول أن تأخذ إذنه، ولكنه رافض، وهذا الأمر تسبب في مشكلة كبيرة؛ لأن حالتها النفسية أصبحت منهارة، وأيضا أمي كذلك، حيث إن أمي أصبحت كبيرة ودائما تبكي؛ لأنها تريد رؤية حفيدتها.
ماذا نفعل الآن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فينبغي أن يعلم أولا: أن المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أحق بها من أبويها، وطاعتها له، مقدمة على طاعتهما.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. اهـ.
ثانيا: لا يجوز للمرأة أن تسافر بغير محرم، على خلاف بين العلماء في ذلك، والراجح عندنا المنع، ومن العلماء من أجاز سفرها بغير محرم إذا أمنت الفتنة، ويلزمها أن تستأذن زوجها، ولا تسافر إلا بإذنه. ولتراجع الفتوى رقم: 6219، والفتوى رقم: 19940.

ثالثا: إذا اشترطت عليه أن يسمح لها بزيارة أمها مرة كل سنة، لزمه أن يفي لها بذلك؛ وانظر الفتوى رقم: 1357. ويجب عليها أن تراعي الضوابط الشرعية في السفر.

رابعا: لا ندري ما تعنيه بالاتفاق الآخر الذي أبرمته أختك مع زوجها، فإن كان المقصود أنها تنازلت عن هذا الحق، وهو سفرها إلى أمها، فمتى ما أسقطته سقط؛ لأنه حق لها. وراجع الفتوى رقم: 379285. ومتى ما بدا لها المطالبة به مستقبلا، جاز لها ذلك؛ لكونه حقا متجددا، وراجع الفتوى رقم: 52659.

خامسا: أن الشرع قد أمر الزوج بمعاشرة زوجته بالمعروف، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ{النساء:19}.

قال السعدي: على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى وبذل الإحسان، وحسن المعاملة. اهـ.

وكونه لا يترك لها سبيلا للتواصل مع أمها، ولا يأخذها للتنزه، وخاصة عند حاجتها لذلك في أوقات الحمل، يتنافى مع التوجيه الرباني الذي تضمنته الآية.

سادسا: سبق التفصيل في أمر السفر، ونوصي أختك بالصبر والتفاهم مع زوجها بالحسنى، وتكثر من الدعاء أن ييسر لها إقناعه، وينبغي له أن يراعي مشاعرها ومشاعر أمها، وييسر لها السفر إليها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني