الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التخلص من المال المقبوض بغير حق

السؤال

كنت قدر أرسلت إلى حضراتكم مشكلتي واستفساري، وقد قمتم -جزاكم الله خيرا- بالرد علي بفتويين: رقم: 2627598، ورقم: 193339.
ولكن مع الأسف الشديد لم تحل المشكلة حتى الآن، وذلك نتيجة التسويف أو التقصير والإهمال. ولكن السبب الأهم هو عدم وجود طريقة ميسرة مباشرة، أستطيع من خلالها حل المشكلة.
وأود أن أضيف لفضيلتكم نقطة هامة، أنه ليس من طبيعتي الإهمال في العمل والتقصير، وزملائي عادة ما يشهدون لي بالاجتهاد في العمل، ولكن ما حدث هو نتيجة سوء حالتي النفسية، وتخبطي، وإحساسي بأن العمل لا يرضي طموحي، ويشبع رغباتي في تحقيق الذات؛ وذلك نتيجة لضعف الإدارة التي كنت أعمل بها، وسوء النظام بها، وعدم إعانتي على بناء تخصص وظيفي قوي خاص بي، وتطوير مهاراتي، وإرضاء طموحي في العمل. وكل ذلك أدى إلى انخفاض روحي المعنوية، والإحباط، وسوء حالتي النفسية؛ مما أدى إلى عدم بذلي العناية التي أرضى بها في العمل عن نفسي، وعدم إنجاز العمل في زمن مناسب، وإحساسي بمقدرتي على إنجازه في وقت أقصر، وعدم الهمة اللازمة في البحث عن مهام كنت أشعر بالمسؤولية عن البحث عنها وإنجازها، حتى لو لم توجه إلي. كنت في ضغط نفسي معظم الوقت، ولم أكن سعيدا بالراتب المرتفع نسبيا، مقارنة بالراتب الذي كنت أتقاضاه في الشركة السابقة. ورغم كل ذلك لم يوجه رئيسي المباشر، أو مديري جزاء، أو خصما من الراتب، ربما لشعوره بعدم اندماجي بعد في العمل، ويريد منحي المزيد من الوقت، أو يتوقع مني المزيد بعد أن أتكيف في العمل، أو لسوء إدارته وضعف إمكانياته هو شخصيا. أو لعدم صلاحياته بطلب المزيد من الإنجاز والعمل، نتيجة لضعف إدارته.
لم أتحمل الاستمرار في العمل، واستقلت بعد أقل من ثلاثة أشهر، وكان رئيسي المباشر، ومديري وزملائي يرفضون الاستقالة، ويماطل رئيسي في قبولها. ورغم كل ذلك أريد الخروج من هذه الشبهة؛ كي أبرئ ذمتي أمام الله. فقد استعنت بزميل لي في الشركة، وحصلت على البريد الإلكتروني الخاص بصاحب الشركة. وبالفعل راسلته ببريد فيه اسم مستعار؛ كي لا يعلم هويتي، طالبا فيه أن يعفو، أو يمكنني من إرسال النقود إليه بشكل لا يسبب لي الحرج ومعرفة هويتي، ولكني لم أتلق أي رد. استعنت بأحد الأصدقاء الذين يعملون في إحدى شركات المحمول، عن إمكانية إرسال نقود لشخص يستلمها عبر خط المحمول، دون معرفة من المرسل؛ فأخبرني أنه لا بد من توفر رقمه القومي، ولا بد له أن يعلم مرسل النقود. فكرت في أن أتصل بصاحب الشركة دون معرفة هويتي، طالبا منه العفو، ولكنني أشعر بالحرج الشديد، وقد يظن أنني أعبث معه. أيضا من الصعب أن أجد سنترالا وأتكلم معه دون أن يسمعني أحد. فكرت أن أحول له رصيد مكالمات، ولكني في الأصل لم أتمكن من الحصول على رقم صاحب الشركة من خلال الاستعانة بثلاثة من زملائي في الشركة؛ فكانت النتيجة أن أحدهم لا يعلم الرقم، واثنين رفضا المساعدة. أيضا طلبت من أحد زملائي إخباري برقم حساب الشركة؛ كي أقوم بإيداع المبلغ بحسابها من خلال شخص آخر. ولكنه رفض إخباري، وقال لي إنه لا بد للشركة أن تسأل عن اسم المودع، وتتصل به وتسأل عن سبب الإيداع. والبنك أيضا سيسأل عن السبب؛ لتجنب عمليات غسيل الأموال. وأخبرني أن ذلك قد يتسبب في حدوث مشاكل لي وله، وأيضا للإدارة التي يعمل بها زميلي.
أيضا قمت بمحاولة الحصول على رقم محمول صاحب الشركة، من خلال تطبيق على الهاتف، ولكن ذلك يتطلب دفع رسوم اشتراك إضافية بالتطبيق؛ لكي أحصل على بيانات الشخص. وبالفعل حاولت فعل ذلك باستخدام بطاقة ال ATM، ولكن يبدو أن بطاقتي لا تصلح لمثل هذه العملية. وينبغي علي عمل بطاقة أخرى تصلح لذلك. فكرت في أن أتصل بمدير الإدارة التي كنت أعمل بها، وأطلب منه الرقم، ولكني أتحرج بشدة، ولا أظن أنه سيوافق على ذلك، أو على منحي رقم حساب الشركة بالبنك.
سؤالي الآن: ما الذي ينبغي علي فعله: هل أتصل بمدير الإدارة، وأحاول الحصول على رقم الحساب، أو رقم الهاتف، رغم الحرج الشديد، ولا أظن أنه سيوافق؟
هل أذهب إلى البنك وأستخرج بطاقة ATM، وأدعم تطبيق الهاتف؛ لكي أحصل على هاتف صاحب الشركة، ومن ثم مكالمته للتأكد من أنه صاحب الشركة بالفعل، رغم حرجي الشديد، وصعوبة مكالمته في مكان بخصوصية، ثم طلب العفو منه، أو فقط تحويل رصيد مكالمات له. أم ذلك كله سيكون من المشقة التي تجلب التيسير، وأتصدق بهذا المبلغ ويرتاح قلبي؟
أفيدوني بحلول عملية بارك الله فيكم، وعذرا على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كنت قصّرت في عملك، فعليك أن تستحل أصحاب العمل، أو ترد لهم المال الذي قبضته بغير حق، ولا يصحّ أن تحول لهم رصيداً للهاتف، ولا يصحّ أن تتصدق عنهم بهذا المال ما دمت تقدر على إيصاله لهم.
وليس عندنا ما نفيدك به من الوسائل التي تستحل بها أصحاب العمل، أو توصل إليهم حقّهم من غير أن تقع في حرج، فاجتهد في ذلك قدر طاقتك، واستعن بالله، ولا تعجز.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني