الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معاقبة الشخص في أهله بمثل ما فعل في أعراض الناس ليس بلازم

السؤال

أريد أن يعلم بقصتي جميع من يعانون من الشذوذ، ويظنون أنه ليس هنالك أمل بالعلاج.
لقد قد قرأت كل فتاوى الشذوذ في موقعكم، ولعل ما جعلني أفضح سري الذي لا يعلمه إلا الله، هو بعض الشباب الذين يعانون جدا من هذا الأمر، ويفكرون في الموت، أو غاضبون من ربهم جل وعلا.
وأيضا أريد أن أستفتي في مسألة.
(والمسامحة على الألفاظ الآتية)
أنا ثاني إخوتي عمري 27 سنة، لم يحدث لي أي تحرش، إنما كنت أميل للذكور منذ صغري، وقد قضيت أكثر من نصفها في ممارسة الرذيلة (من عمر 12 -24 تقريباً) وقد مارست مقدمات اللواط كثيراً جداً، والحمد لله الذي سترني رغم مجاهرتي بالمعصية. كنت أحب الذكور جداً جداً، يثيرني كل شيء في الذكور، حتى إنني كنت أستطيع تخيل عوراتهم من خلال رؤيتي لأي منطقة مكشوفة من أجسامهم.
كنت أشمئز من النساء، وأستغرب جدا من كل شخص يحاول مغازلة بنت، أو يتكلم عنها بحب. مضت أيامي وأنا على هذا الحال، أختلي بفلان، وأركب علانا، وأقبل ثغر هذا، وأضع شهوتي في ذاك.
المهم وصلت لعمر 18 وبدأت أحاول أن أترك هذا الفعل المشين، وهذه الأفكار الآثمة ولكن هيهات، كنت أتوب للحظات، وأبدأ أتخيل اللواط. عانيت كثيرا، بدأت الشكوك تضع بيضها عند بعض أفراد الأهل.
أنا معروف بالالتزام وغض البصر عن الفتيات، عكس شباب الحي، وفي يوم كنت اختليت بولد صغير من أولاد الحي، وكنت عاريا وهو عارٍ، وكنت قاب قوسين أو أدنى من افتضاحي، حيث مر رجل من أهلي بجانبنا، وأعمى الله بصره، فلم يرنا؛ حمدت الله كثيرا جداً.
وأيضا ذهبت للمبيت في بيت صديقي، وبينما نحن نيام نهضت وبقيت أتحسس جسم أخيه الصغير، ومؤخرته من تحت البنطال، ولكنه أفاق ورآني، فادعيت أنني نائم. أتى الصباح وهو ينظر إلى بكره وحقد، حتى إنه هدد بفضحي عند أخيه وأهلي. ذهبت للنوم، ولم أستطع من كثرة الخوف حتى إنني لم آكل في ذلك اليوم شيئا.
أتى الفجر وأنا مستيقظ، قمت فاغتسلت وصليت، وبكيت كثيرا كثيرا، وندمت أشد الندم، ودعوت الله من أعماق قلبي، وأكثرت الصلاة. ذهبت لملاقاة صديقي وأخيه، وأنا متوجس وخائف، ولكن لم يحصل شيء، لم اصدق ما أراه، ظللت أتأكد وأفحص الجو، ولكن كأن شيئاً لم يحدث مطلقا، وكأنه فقد الذاكرة، بل إنه تودد لي مثل ما كان في السابق، والحمد لله اللطيف السميع.
لعلكم لا تصدقوني، ولكني أشهد الله أني لا أكذب.
المهم، كنت أحاول أن أشتهي الفتيات، فلا أجد لذلك سبيلا، حتى لو أتت عارية إلي. خفت على نفسي من هذا الحال، حتى إنني تجرأت وسالت إحدى فتيات الأهل وقلت: لماذا لا أحب الفتيات؟ لماذا لا أستطيع أن أرغب في أي فتاة ؟؟ قالت: ستحبهن عاجلا أم آجلا. قلت في نفسي وقلبي مقهور: أتمنى ذلك، بدأت أدعو الله كثيرا أن يبعدني عن هذه الأشياء القبيحة.
اطلعت كثيرا على التوبة وصلاح القلب والسريرة، كنت أدعو بعد كل صلاة: (اللهم أصلح فساد قلبي وعقلي)، مضت ثلاث سنين ولم يتغير شيء، ما زلت أشتهي اللواط أكثر من قبل، وأقطع الصلاة أياما وأعود نادما وهكذا، وكنت أشمئز من النساء جداً، بيد أني لم أيأس من رحمة الله وإجابة دعائي، كنت على تمام الثقة أن الله لن يتركني أبدا ما دمت أثق به، ونيتي صادقة. بدأت أستكره اللواط والأولاد عسى أن أكرههم، وأدعو الله، لاحظت أنني لم أعد أشتاق 100% للواط، خف ذلك للنصف، لكن كان يجن جنوني عند رؤية الذكور. وبدأت أكثف دعواتي، وأضفت: اللهم حبب إلى النساء، وكره إلى الأولاد واللواط.
مضت سنتان والتزامي بالصلاة أكثر، وحبي للذكور قل قليلا، واللواط قل كذلك.
دخلت الجامعة وأنا على هذا الحال، ينتهي الدوام فأرجع مسرعا علي ألمح بعض الذكور الجميلين. بكيت كثيرا كثيرا، إلى أن قبح الله هذه الفعل في قلبي قليلا، إلى أن التقيت بفتاة في الجامعة ذات جمال وخلق، تكلمت معها في مجال الدراسة لعدة أيام عبر الماسنجر، ولم أدر كيف انجذب قلبي لها، وسبحان ربي كيف انعكس كل شيء في، فلم أعد أحب اللواط أبدا واستقبحه جدا، لم أعد أرى الذكور وسيمين أبدا، بدأت أراهم عاديين جدا.
هممت بخطبة الفتاة، والحمد لله وفقني لخطبتها وأحببتها جدا جدا جدا. مضى على كرهي واستحقاري للواط ثلاث سنوات تقريبا، ولا أمارس العادة السرية والحمد لله، وأصبحت أحب النساء كما كنت أحب الأولاد تماماً. فلا تيأسوا من رحمة الله ولطفه...قال تعالى: (فصبرٌ جميل) وقال: (فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم) وقال: (فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك) وقال: ((وبشر الصابرين)).
الحياة جميلة جدا صدقوني، رغم أنني فقير، ولكن ربي هو المغني.
أما سؤالي لكم أيها المشايخ الفضلاء:هل سيكون في أولادي، القضاء لما اقترفته قبل التوبة النصوح؟ فأنا خائف جداً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يحفظك فيما بقي من عمرك، حتى تلقاه على خاتمة حسنة، ونسأله أن يزيدك هدى وتقى وصلاحا. واحرص على العلم النافع وحضور مجالس الخير، والإكثار من الأعمال الصالحات، ومصاحبة الأخيار الأفاضل، فهم القوم لا يشقى جليسهم.

ونرجو أن يكون فيما ذكرت عبرة لكل معتبر، وأن يتدبر ذلك بعين البصيرة؛ ليعلم عظم فتنة القلب وخطورة الأمر، إذ كيف سيكون الحال لو أن الله تعالى قبض روح العاصي وهو في معصيته قبل أن يتوب منها، ولا سيما إذا كانت المعصية هذا الانحراف الفظيع، والعمل القبيح، والشذوذ الجنسي الرهيب.

وبخصوص سؤالك: فإن كون المرء قد يعاقب في أهله بمثل ما فعل في أعراض الناس، فهذا ممكن، ولكن ليس بلازم، وخاصة إن كان قد تاب إلى الله تعالى توبة نصوحا. فالمرجو أن يكون أهله في عافية من ذلك بإذن الله، وخاصة إن حرص على تربيتهم على الحق والهدى، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 164967.

وننبهك في الختام إلى أن المخطوبة أجنبية عن خاطبها حتى يعقد له عليها العقد الشرعي، فلا يحل له الخلوة بها، ونحو ذلك مما لا يجوز مع الأجنبية. ثم إنه ينبغي المسارعة لإكمال الزواج وعدم تأخيره؛ فإن الأعمار محدودة، ولا يدري الإنسان ما قد يعرض له، قال تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ {البقرة:148}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني