الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رجوع الفتاة عن الخطبة لكرهها الخاطب

السؤال

بداية: أنا فتاة أبلغ من العمر الآن 19، قبل سنة تقريبًا تقدم لي رجل طيب الخٌلق، كما تبين عندما سألوا عنه. ولكنني رفضته لأسباب، وهي أنني لم أتقبل شكله أبدا، ولأن أمه كانت متسلطة إلى حد ما، وهذا الشيء أرعبني جدًا.
فهل هذا يعتبر من جحد النعمة أو ما شابه ذلك؟ وبعد ذلك أحسست بتأنيب ضمير؛ لأنني رفضته، وبالذات بعد رفضه لم يتقدم لي أحدٌ بعدها. وعندما أخبرت إحدى الصديقات بذلك، قالت لي: "هذا من حكمته الربانية أنكِ رفضت شخصًا بسبب شكله، وتعاليت عليه" مع أنني لم أعب شكله أبدا، ولم أر نفسي أنني أجمل منه أو ما شابه ذلك، لكنني لم أستطع الإكمال، علمًا أنني استخرت مرتين بعد الخطبة. وكلما تذكرت شكله يأتيني ضيق، وكنت أبكي بعدها. وأيضًا في وقتها كنت متهاونة في الصلاة. فهل استخارتي لم تُقبل مثلًا؟
وعلمًا أيضًا أنهم أتوا مرتين إلينا، وكانت المرة الأولى للتعارف، والمرة الثانية للرؤية الشرعية، ووافقت في وقتها عند سؤالي؛ لأنه كان في بالي أنني سوف أتقبله مع الوقت، وألبسوني خاتم الخطوبة، وبعدها لم أستطع كما قلت، ورفضت بعدها بـ 4 أيام تقريبًا.
فهل مثلا من المكن أن يكون قد كُسر قلبه، وبذلك أحمل ذنبًا؟ مع العلم أنه عند إخبارهم بسبب الرفض، قالوا فقط إنها ليست مرتاحة.
وهل من الممكن فعلًا أن أعاقب بسبب هذا الشيء الآن، وأن يكون سببا في تأخري عن الزواج؟
وأتمنى أن تدعو لي بالزوج الصالح.
وشكرًا لكم ولجهدكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج عليك في رفض الخاطب للأسباب التي ذكرت، وليس رفضك له ذنبا حتى يكون سببا في نزول العقوبة بك. فقد ذكر الفقهاء أن المرأة إذا قبلت بالخاطب، ثم كرهته، فلها فسخ الخطبة، ولا حرج عليها في ذلك.

قال ابن قدامة: ولا يكره لها أيضا الرجوع إذا كرهت الخاطب؛ لأنه عقد عمر يدوم الضرر فيه، فكان لها الاحتياط لنفسها، والنظر في حظها. اهـ.
أما تهاونك في الصلاة، فهو معصية كبيرة، وذنب عظيم، قد يكون سبباً لنزول البلاء، وعدم استجابة الدعاء، ويستلزم التوبة إلى الله تعالى، وانظري الفتوى رقم: 165221
فإذا تبت توبة صحيحة، فأبشري بكل خير؛ فإنّ التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
ولا تجزعي لتأخر زواجك، وأحسني الظنّ بالله، واعلمي أنّ الله قد يصرف عنك شيئا ويدخر لك خيراً منه؛ قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216].
قال ابن القيم -رحمه الله-: والعبد لجهله بمصالح نفسه، وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه، لا يعرف التفاوت بين ما منع منه، وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا، وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليّا. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني