الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فقه إنكار المنكر في الأسواق

السؤال

عندما أذهب للتسوق وشراء الملابس أرى فتيات يشترين المزيّن من اللباس، ولا أذهب لكل واحدة لنصحها؛ حتى لا يكون أمري ملفتًا، وخشية الضرر الأمني؛ فأكلّم القريبة مكانيًّا مني: بكم هذا الزِّي؟ وبعدها أبدي رأيي أنه غير مناسب شرعا؛ لذلك لن أختاره، وأنصرف بعدها، ويكون ذلك مع الألبسة الواضح عدم جوازها، أما ما ارتبت في أمره، فإني لا أحدث صاحبته، وبالنسبة للتي تبيع، فأكتفي بوصفي لها أني أريد الشرعي، على أمل أن تفكر في حالها إن كانت مستيقظة الضمير، فهل تصرفاتي تلك صحيحة؟ وإذا كان الذي يرافقني في تسوقي يتضايق من فعلي، فهل أترك الفعل؟ وأحيانًا أصحاب المحلات غير مسلمين، فهل أدع التحدث مع من تشتري غير الشرعي في حالة انتباه غير المسلم أو غير المسلمة من أصحاب المحل علينا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على غيرتك على الدّين، وحرصك على القيام بالنصح، فجزاك الله خيرًا.

ونود أن ننبه إلى أنه ينبغي للمسلم - والمرأة خاصة - التقليل من الذهاب إلى الأسواق، فالغالب كثرة المنكرات فيها؛ ولذلك كانت من أبغض الأماكن إلى الله عز وجل -كما جاء في السنة- روى الحاكم في المستدرك عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير البقاع المساجد، وشر البقاع الأسواق.

وإنكار المنكرات في الأسواق، وفي غيرها، مقيد بالاستطاعة، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع، فبلسانه، فإن لم يستطع، فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.

ولا شك في أنه ليس بوسع المسلم أن يقف عند كل منكر لينكره، فهذا فيه مشقة كبيرة، وحرج، قال الشيخ ابن عثيمين في اللقاء الشهري: لا يمكن للإنسان أن ينكر كلما يشاهده في السوق مع كثرة المنكرات، لو أنه فعل ذلك ما خطا خطوةً، أو خطوتين؛ لأنه سيجد من حلق لحيته، وسيجد من يشرب الدخان، وسيجد امرأة متبرجة، وسيجد رجلًا أسبل ثيابه، يقف مع كل واحد؟! مشكلة، هذا لا يجب، وربما يكون أضحوكةً للناس إذا فعل هذا، لكن من الممكن من حين لآخر أن يمسك رجلًا يرى أنه أقرب للقبول، ويسر إليه بأن هذا العمل الذي أنت تعمله حرام ولا يجوز، وقد قال الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، وقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]. اهـ.

فافعلي ما تستطيعين القيام به من الإنكار، وبالأسلوب المناسب، من نحو ما ذكرت من تصرفات مع البائعة، أو من تشتري، واجتنبي كل ما يمكن أن يوقعك في الحرج والضرر، كالضرر الأمني الذي أشرت إليه، والمؤمن كيس فطن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني